إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَشَٰرِبُونَ شُرۡبَ ٱلۡهِيمِ} (55)

وقولُه تعالى : { فشاربون شُرْبَ الهيم } كالتفسيرِ لما قبله على طريقة قولِه تعالى : { فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا } [ سورة القمر ، الآية 9 ] أي لا يكونُ شربُكم شرباً معتاداً بل يكونُ مثلَ شربِ الهيمِ وهي الإبلُ التي بها الهيامُ وهو داءٌ يصببها فتشربُ ولا تروى جمعُ أهيمَ وهيماءَ وقيلَ : الهِيمُ الرمالُ على أنه جمعُ الهَيَام بفتحِ الهاءِ وهو الرملُ الذي لا يتماسكُ جُمعَ على فُعُلٍ كسحابٍ وسُحُبٍ ثم خفف وفُعل به ما فُعل بجمعِ أبيضَ والمعنى أنه يسلطُ عليهم من الجوعِ والتهابِ النارِ في أحشائِهم ما يَضطرّهم إلى أكلِ الزقومِ الذي هو كالمهلِ فإذا ملأوا منه بطونَهم وهو في غايةِ الحرارةِ والمرارِة سلط عليهم من العطشِ ما يضطرهم إلى شربِ الحميمِ الذي يقطعُ أمعاءَهم فيشربونه شربَ الهيمِ وقرئَ شَربَ الهيمِ بالفتحِ وهو أيضاً مصدرٌ وقرئَ بالكسرِ على أنه اسمُ المشروبِ .