فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَشَٰرِبُونَ شُرۡبَ ٱلۡهِيمِ} (55)

{ فشاربون شرب الهيم } قرأ الجمهور { شرب الهيم } بفتح الشين وقرئ بضمها وبكسرها وهي لغات . قال : أبو زيد : سمعت العرب تقول بضم الشين وفتحها وكسرها ، قال المبرد : الفتح أصل المصدر ، والضم إسم المصدر ، والهيم الإبل العطاش التي لا تروى لداء يصيبها وهذه الجملة بيان لما قبلها ، أي لا يكون شربكم شربا معتادا ، بل يكون مثل شرب الهيم ، التي تعطش ولا تروى بشرب الماء ، ومفرد الهيم أهيم والأنثى هيماء .

وقال الضحاك وابن عيينة والأخفش وابن كيسان : الهيم الأرض السهلة ذات الرمل . والمعنى أنهم يشربون كما تشرب هذه الأرض الماء ، ولا يظهر له فيها أثر . قال في الصحاح : ألهيام بالضم أشد العطش . والهيام كالجنون من العشق ، والهيام داء يأخذ الإبل فتهيم في الأرض لا ترعى ، يقال : ناقة هيماء ، والهيماء أيضا المفازة لا ماء بها ، والهيام بالفتح الرمل الذي لا يتماسك في اليد للينه ، والجمع هيم مثل قذال وقذل ، والهيام بالكسر الإبل العطاش ، قال النسفي : وإنما صح عطف الشاربين على الشاربين وهما لذوات متفقة ، وصفتين متفقتين لأن كونهم شاربين للحميم على ما هو عليه من تناهي الحرارة ، وقطع الأمعاء أمر عجيب . وشربهم له على ذلك كما يشرب اليهم الماء أمر عجيب أيضا فكانتا صفتين مختلفتين .