إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡيَمِّ بِأَنَّهُمۡ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَكَانُواْ عَنۡهَا غَٰفِلِينَ} (136)

{ فانتقمنا مِنْهُمْ } أي فأردنا أن ننتقم منهم لِما أسلفوا من المعاصي والجرائم ، فإن قوله تعالى : { فأغرقناهم } عينُ الانتقام منهم فلا يصح دخولُ الفاء بينهم ويجوزُ أن يكون المرادُ مطلقَ الانتقام منهم والفاءُ تفسيرية كما في قوله تعالى : { وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبّ } [ هود ، الآية 45 ] الخ { فِي اليم } في البحر الذي لا يُدرك قعرُه وقيل : في لُجّته { بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِين } تعليلٌ للإغراق أي كان إغراقُهم بسبب تكذيبِهم بآياتِ الله تعالى وإعراضِهم عنها وعدمِ تفكرِهم فيها بحيث صاروا كالغافلين عنها بالكلية ، والفاءُ وإن دلت على ترتب الإغراقِ على ما قبله من النكْثِ لكنه صرّح بالتعليل إيذاناً بأن مدارَ جميعِ ذلك تكذيبُ آياتِ الله تعالى والإعراضُ عنها ليكون ذلك مَزْجرةً للسامعين عن تكذيب الآياتِ الظاهرةِ على يد رسولِ الله صلى الله عليه وسلم والإعراضِ عنها .