فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡيَمِّ بِأَنَّهُمۡ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَكَانُواْ عَنۡهَا غَٰفِلِينَ} (136)

{ فانتقمنا } أي أردنا الانتقام { منهم } لما نكثوا بسبب ما تقدم لهم من الذنوب المتعددة وأصل الانتقام في اللغة سلب النعمة بالعذاب ، وقيل هو ضد الأنعام كما أن العقاب ضد الثواب { فأغرقناهم في اليم } أي في البحر ، قيل هو الذي لا يدرك قعره وقيل هو لجته وأوسطه ، قال الأزهري : اليم معروف لفظة سريانية عربتها العرب ويقع على البحر الملح والعذب ، والمراد به نيل مصر وهو عذب .

{ بأنهم كذبوا بآياتنا } تعليل للإغراق { وكانوا عنها غافلين } أي عن النقمة المدلول عليها بإنتقمنا أو عن الآيات التي لم يؤمنوا بها بل كذبوا بها فكأنهم في تكذيبهم بمنزلة الغافلين عنها والثاني أولى لأن الجملتين تعليل للإغراق والمراد بالغفلة عدم التدبر ، وهذا مؤاخذ به فسقط ما يقال إن الغفلة لا مؤاخذة بها ، وقد تستعمل الغفلة في ترك الشيء إهمالا وإعراضا ، في القاموس غفل عنه غفولا تركه وسها عنه .