قوله : " فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ " هذه الفاءُ سببيَّة ، أيْ : تَسَبَّب عن النَّكْثِ الانتقامُ ثم إن أريد بالانتقام نَفْسُ الإغْراق ، فالفاءُ الثَّانية مُفَسِّرةٌ عند مَنْ يُثْبِتُ لها ذلك وإلاَّ كان التقدير : فَأرَدْنَا الانتقام ، والانتقام في اللُّغَةِ : سلب النعمة بالعذابِ .
و " في اليمِّ " متعلق ب " أغْرَقْنَاهُم " ، واليَمّ : البحر ، والمشهور أنَّهُ عربيّ .
دَاوِيَّة ودُجَى لَيْلٍ كأنَّهُمَا *** يَمٌّ تراطَنَ في حَافَاتِهَا الرُّومُ{[16752]}
وقال ابْنُ قتيبةَ : أنَّه البَحْرُ بالسُّريانِيَّةِ .
وقيل : بالعبرانيَّة . والمشهور أنه لا يتقيَّد ببحر خاص قال الزمخشري : اليَمّ : البحرُ الذي لا يُدْرَكُ قعره .
وقيل : هو لُجَّة البحر ومعظم مائه .
وقال الهروِيُّ - في " غريبيه " - : واليَمُّ : البَحْرُ الذي يقالُ له : إسَافٌ وفيه غَرِقَ فرعونُ . وهذا ليس بجيد ، لقوله تعالى : { فَأَلْقِيهِ فِي اليم } [ القصص : 7 ] والمرادُ : نيلُ مِصْرَ ، وهو غيرُ الذي غَرِق فيه فرعون .
قيل : واشتقاقه من التيمم ، وهو القصد ، لأنَّ النَّاسَ يقصدونه .
قوله : " بِأنَّهُمْ " الباء للسببيّة ، أي : أغْرَقْنَاهم بسببِ تكذيبهم بآياتِنَا ، وكونهم عَنْهَا غافلين ، أي : غَافِلينَ عن آياتنا ، فالضَّمِيرُ في عَنْهَا يعودُ على الآيات ، وهذا هو الظَّاهِرُ .
وبه قال الزَّجَّاجُ{[16753]} وغيره .
وقيل : يجوزُ أن يعود على النِّقْمَةِ المدلولِ عليها ب " انتَقَمْنَا " ويُعْزَى هذا لابن عباس ، وكأن القائل بذلك تَخَيَّلَ أنَّ الغفلةَ عن الآيات عُذْرٌ لَهُم من حيثُ إنَّ الغفلة ليست من كسب الإنسان .
وقال الجمهور : إنَّهم تَعَاطَوْا أسبابَ الغَفْلَة ، فَذُمّوا عليها ، كما يُذَمُّ الناس على نِسْيَانه لتعاطيه أسبابه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.