إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ ٱلۡكُفَّارِ وَلۡيَجِدُواْ فِيكُمۡ غِلۡظَةٗۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِينَ} (123)

{ يا أيها الذين آمَنُواْ قَاتِلُواْ الذين يَلُونَكُمْ منَ الكفار } أُمروا بقتال الأقربِ منهم فالأقرب كما أُمر عليه الصلاة والسلام أولاً بإنذار عشيرتِه فإن الأقربَ أحقُّ بالشفقة والاستصلاحِ . قيل : هم اليهودُ حوالي المدينة كبني قرُيظةَ والنَّضير وخيبَر ، وقيل : الرومُ فإنهم كانوا يسكنون الشامَ وهو قريبٌ من المدينة بالنسبة إلى العراق وغيره { وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً } أي شدة وصبراً على القتال وقرئ بفتح الغين كسَخْطة وبضمها وهما لغتان فيها { واعلموا أَنَّ الله مَعَ المتقين } بالعصمة والنصرة والمرادُ بهم إما المخاطَبون ، ووضعُ الظاهرِ موضعَ الضمير للتنصيص على أن الإيمانَ والقتالَ على الوجه المذكور من باب التقوى والشهادةِ بكونه من ومرة المتقين ، وإما الجنس وهم داخلون فيه دخولاً أولياً والمرادُ بالمعية الولايةُ الدائمةُ ، وقد ذُكر وجهُ دخولِ مع على المتبوع في قوله تعالى : { إِنَّ الله مَعَنَا } [ التوبة ، 40 ] .