ثم أرشد سبحانه إلى ترتيب القتال فقال : { يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم } أي يقربون منكم مبتدأ من الأقرب ومنتقلاً إلى الأبعد . والقتال واجب مع كافة الكفر بآية القتال ، ولكن هذه الآية أخص لأن الغرض منها الترتيب ما لم يدع إلى قتال الأبعد قبل دفع الأقرب ضرورة فلا تكون هذه منسوخة بآية القتال على ما نقل عن الحسن ، وإنما وجب الابتداء بالغزو من المواضع القريبة لأن قتال الكل دفعة متعذر وللأقرب ترجيح ظاهر كما في الدعوة وكما في سائر المهمات مثلاً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، يبتدأ بالجمع الحاضرين ثم ينتقل إلى الغائبين . وأيضاً المؤنة في قتال الأقربين من النفقة والدواب تكون أقل والقتال معهم يكون أسهل للوقوف على أحوالهم وعدد عسكرهم ، والفرقة المجاهدة إذا تجاوزوا من الأقرب إلى الأبعد فق عرضوا الذراري للفتنة . وقد حارب رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه ثم غيرهم من عرب الحجاز ثم غزا الشام . ويروى أن أعرابياً جلس على المائدة وكان يمد يده إلى الجوانب البعيدة من تلك المائدة فقال صلى الله عليه وسلم : «كل مما يليك » فثبت بهذه الوجوه أن الابتداء بالأقرب فالأقرب واجب ما لم يضطر إلى العدول ضرورة . وقوله { وليجدوا فيكم غلظة } أي شدة نظير قوله : { واغلظ عليهم } [ التحريم : 9 ] ومن قرأ بفتح الغين فهو المصدر أيضاً كالسخطة وهي لفظة جامعة للجراءة والصبر على القتال ولشدة العداوة والعنف في القتل والأسر ، كل ذلك فيما يتصل بالدعوة إلى الدين إما بإقامة الحجة وإما بالسيف ، أما فيما يتصل بالبيع والشراء والمجالسة فلا وليكن تقوى الله سبحانه على ذكر منه في موارده ومصادره ، ولهذا ختم الآية بقوله : { واعلموا أن الله مع المتقين } فإن قلته قتله لله وان تركه على الجزية تركه لله وإن كسر عدوه وآل الأمر إلى أخذ الغنيمة راعى فيه حدود الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.