إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَوَلَا يَرَوۡنَ أَنَّهُمۡ يُفۡتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٖ مَّرَّةً أَوۡ مَرَّتَيۡنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمۡ يَذَّكَّرُونَ} (126)

{ أَوْ لاَ يَرَوْنَ } الهمزةُ للإنكار والتوبيخ والواوُ للعطف على مقدر أي ألا ينظُرون ولا يرَوْن { أَنَّهُمْ } أي المنافقين { يُفْتَنُونَ في كُلّ عَامٍ } من الأعوام { مرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ } والمرادُ مجردُ التكثيرِ لا بيانُ الوقوع حسب العدِّ المزبورِ ، أي يُبتلَوْن بأفانينِ البليات من المرض والشدةِ وغيرِ ذلك مما يذكّر الذنوبَ والوقوفَ بين يدي رب العزة فيؤدي إلى الإيمان به تعالى أو بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعاينون ما ينزل عليه من الآيات لاسيما القوارعُ الزائدةُ للإيمان الناعيةُ عليهم ما فيهم من القبائح المخزيةِ لهم { ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ } عطف على لا يَرَوْن داخلٌ تحت الإنكار والتوبيخِ وكذا قوله تعالى : { وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ } والمعنى أو لا يَرَون افتتانَهم الموجبَ لإيمانهم ثم لا يتوبون عما هم عليه من النفاق ولا هم يتذكرون بتلك الفِتن الموجبةِ للتذكر والتوبة ، وقرئ بالتاء والخطابُ للمؤمنين والهمزةُ للتعجيب أي ألا تنظرون ولا ترَوْن أحوالَهم العجيبة التي هي افتتانُهم على وجه التتابعِ وعدمَ التنبّهِ لذلك فقوله تعالى : { ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ } وما عطف عليه معطوفٌ على يفتنون .