الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ ٱلۡكُفَّارِ وَلۡيَجِدُواْ فِيكُمۡ غِلۡظَةٗۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِينَ} (123)

ثم قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار }[ 123 ] .

والمعنى : أنها تحضيض{[30274]} من الله عز وجل ، للمؤمنين ، أن يبدأوا بقتال الأقرب فالأقرب من الكفار ، والغلظة عليهم . والمراد به يومئذ : الروم ، أنهم كانوا سكانا بالشأم ، والشأم أقرب إلى المدينة من العراق . والفرض على أهل [ كل ]{[30275]} بلد أن يقاتلوا من يليهم دون الأبعد منهم ، إلا أن يضطروا إلى ذلك ، فيقاتلون الأبعد دون الأقرب{[30276]} .

وقد سئل ابن عمر عن قتال الروم والديلم{[30277]} .

فقال : الروم أولى{[30278]} .

وكذلك قال الحسن{[30279]} .

قوله : { واعلموا أن الله مع المتقين }[ 123 ] .

أي : وأيقنوا أن الله عز وجل ، معكم عند قتالكم لهم ما اتقيتموه{[30280]} .


[30274]:حضضه تحضيضا: حرضه.
[30275]:زيادة من "ر".
[30276]:جامع البيان 14/574، 575 باختصار وينظر مزيد بيان في تفسير ابن كثير 2/401، 402.
[30277]:الديلم من عشائر العراق من زبيد....، وهي غربي الفرات، وتنقسم إلى أفخاذ انظر: معجم قبائل العرب 4/189، 190.
[30278]:جامع البيان 14/575، وتفسير الماوردي 2/415، وأحكام القرآن لابن العربي 2/1032، وصححه لأوجه ذكرها، وزاد المسير 3/518، والدر المنثور 4/324. وتنظر: حكمة البدء من الأقرب إلى الأبعد فالأبعد في تفسير الرازي 8/234، 235، وقيله يمكن أن تؤسس عليه فهوم ناجعة تنفع في البناء الحضاري.
[30279]:المحرر الوجيز 3/97، بلفظ: "...، وقال الحسن: هم الروم والديلم. يعني في زمنه ذلك. ونقله عنه أبو حيان في البحر 5/117، وينظر: جامع البيان 14/575، 576ن والدر المنثور 4/324. وهناك أوال أخرى تنظر: في تفسير ابن أبي حاتم 6/1913، 1914، وتفسير الماوردي 2/416، وزاد المسير 3/518، والبحر المحيط 5/117، والدر المنثور 4/324.
[30280]:انظر: تفسير الرازي 8/236، وتفسير ابن كثير 2/402. وكلامه نفيس، فتأمله.