إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قُلۡ أَنفِقُواْ طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمۡ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ} (53)

{ قُلْ أَنفِقُواْ } أموالَكم في سبيل الله { طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } مصدران وقعا موقعَ الفاعل أي طائعين أو كارهين وهو أمرٌ في معنى الخبر كقوله تعالى : { استغفر لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } [ التوبة : 80 ] والمعنى أنفقتم طوعاً أو كرهاً { لن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ } ونظمُ الكلامِ في سلك الأمرِ للمبالغة في بيان تساوي الأمرين في عدم القَبولِ كأنهم أُمروا بأن يمتحنوا الحال فينفقوا على الحالين فينظروا هل يُتقبّل منهم فيشاهدوا عدمَ القبولِ وهو جوابُ قولِ جدِّ بنِ قيس : ولكن أُعينك بمالي ، ونفيُ التقبُّلِ يحتمل أن يكون بمعنى عدم الأخذِ منهم وأن يكون بمعنى عدمِ الإثابةِ عليه وقوله عز وجل : { إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فاسقين } أي عانين متمرّدين تعليلٌ لرد إنقاقِهم .