إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوۡلَىٰنَاۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (51)

{ قُلْ } بياناً لبطلان ما بنَوْا عليه مسرتَهم من الاعتقاد { لن يُصِيبَنَا } أبداً وقرىء هل يصيبنا وهل يصيِّبُنا من فيعل لا من فعل لأنه واويٌّ ، يقال : صاب السهمُ يصوب واشتقاقُه من الصواب { إِلاَّ مَا كَتَبَ الله لَنَا } أي أثبته لمصلحتنا الدنيويةِ أو الأخروية من النُّصرة عليكم أو الشهادة المؤديةِ إلى النعيم الدائم { هُوَ مولانا } ناصرُنا ومتولِّي أمورِنا { وَعَلَى الله } وحده { فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون } التوكلُ تفويضُ الأمر إلى الله والرضا بما فعله وإن كان ذلك بعد ترتيب المبادي العادية ، والفاءُ للدلالة على السببية والأصل ليتوكلِ المؤمنون على الله ، قدّم الظرفُ على الفعل لإفادة القصْرِ ثم أُدخل الفاءُ للدَلالة على استيجابه تعالى للتوكل عليه كما في قوله تعالى : { وإياي فارهبون } [ البقرة ، الآية 40 ] والجملةُ إن كانت من تمام الكلامِ المأمورِ به فإظهارُ الاسمِ الجليلِ في مقام الإضمارِ لإظهار التبرُّكِ والتلذذِ به وإن كانت مَسوقةً من قِبله تعالى أمراً للمؤمنين بالتوكل إثرَ أمرِه عليه الصلاة والسلام بما ذكر فالأمرُ ظاهرٌ وكذا إعادةُ الأمر في قوله وجل : { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا } .