الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{فِي مَقۡعَدِ صِدۡقٍ عِندَ مَلِيكٖ مُّقۡتَدِرِۭ} (55)

{ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ } في مجلس حق لا لغو فيه ولا مأثم وهو الجنة { عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } ملك قادر و ( عند ) إشارة إلى القربة والرتبة .

قال الصادق : مدح الله المكان بالصدق فلا يقعد فيه إلاّ أهل الصدق .

أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا موسى بن محمد قال : حدّثنا الحسن بن علويه قال : حدّثنا إسماعيل بن عيسى قال : حدّثنا المسيب بن إبراهيم البكري عن صالح بن حيان عن عبدالله بن بريده أنّه قال في قوله سبحانه وتعالى : { فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } : إنّ أهل الجنة يدخلون كل يوم على الجبار تبارك وتعالى فيقرأون عليه القرآن ، وقد جلس كل امرئ منهم مجلسه الذي هو يجلسه على منابر الدر والياقوت والزمرد والذهب والفضة باعمالهم ، فلم تقرّ أعينهم بشيء قط كما تقرّ أعينهم بذلك ، ولم يسمعوا شيئاً أعظم ولا أحسن منه ، ثم ينصرفون الى رحالهم ناعمين ، قريرة أعينهم الى مثلها من الغد .

وأخبرني الحسين قال : حدّثنا سعد بن محمد بن أبي إسحاق الصيرفي قال : حدّثنا محمد ابن عثمان بن أبي شيبة قال : حدّثنا زكريا بن يحيى قال : حدّثنا عمرو بن ثابت عن أبيه عن عاصم بن ضمرة عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً في مسجد المدينة ، فذكر بعض أصحابه الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

" " إن لله لواءً من نور وعموداً من زبرجد خلقهما قبل أن يخلق السماوات بألفي عام ، مكتوب على رداء ذلك اللواء : لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، محمد خير البرية ، صاحب اللواء أمام القوم " فقال علي : الحمد لله الذي هدانا بك وكرّمنا وشرفنا ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " يا علي أما علمت أن من أحبنا وانتحل محبتنا أسكنه الله تعالى معنا " وتلا هذه الآية { فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } " .

وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن ماجة قال : حدّثنا الحسن ين أيوب . قال : حدّثنا عبد الله بن أبي زياد . قال : حدّثنا سيار قال : حدّثنا رياح القيسي عن ثور قال : بلغنا أن الملائكة يأتون المؤمنين يوم القيامة فيقولون : يا أولياء الله انطلقوا ، فيقولون : إلى أين ؟ فيقولون : إلى الجنة ، فيقولون : إنكم لتذهبون بنا الى غير بغيتنا ، فيقال لهم : وما بغيتكم ؟ فيقولون : المقعد مع الحبيب .

وسمعت أبا القاسم يقول : سمعت أبا محمد أحمد بن محمد بن إبراهيم البلاذري يقول : سمعت بكر بن عبد الرَّحْمن يقول : كان ذو النون المصري يحضّ أصحابه على التهجّد وقيام الليل . فإذا أحسّ منهم فترة قال : كدّوا يا أولياء الله ، فإن للأولياء [ في الجنة ] مقعد صدق يكشف حجب يوم يرون الجليل حقّاً .