القول في تأويل قوله تعالى : { لاَ جَرَمَ أَنّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنّهُ لاَ يُحِبّ الْمُسْتَكْبِرِينَ } .
يعني تعالى ذكره بقوله : لا جرم حقّا أن الله يعلم ما يسرّ هؤلاء المشركون من إنكارهم ما ذكرنا من الأنباء في هذه السورة ، واعتقادهم نكير قولنا لهم : إلهكم إله واحد ، واستكبارهم على الله ، وما يعلنون من كفرهم بالله وفريتهم عليه . إنّهُ لا يُحِبّ المُسْتَكْبِرينَ يقول : إن الله لا يحبّ المستكبرين عليه أن يوحدوه ويخلعوا ما دونه من الاَلهة والأنداد . كما :
حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا جعفر بن عون ، قال : حدثنا مِسْعر ، عن رجل : أن الحسن بن عليّ كان يجلس إلى المساكين ، ثم يقول : إنّهُ لا يُحِبّ المُسْتَكْبِرينَ .
جملة { لا جرم أن الله يعلم } معترضة بين الجملتين المتعاطفتين .
والجَرم بالتحريك : أصلهُ البُدُّ . وكثر في الاستعمال حتى صار بمعنى حَقّاً . وقد تقدّم عند قوله تعالى : { لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون } في سورة هود ( 22 ) .
وقوله : { أن الله يعلم } في موضع جرّ بحرف جرّ محذوف متعلق ب { جَرَم } . وخبر { لا } النافية محذوف لظهوره ، إذ التقدير : لا جرم موجودٌ . وحذْف الخبر في مثله كثير . والتقدير : لا جرم في أن الله يعلم أو لا جرم من أنه يعلم ، أي لا بدّ من أنه يعلم ، أي لا بدّ من علمه ، أي لا شكّ في ذلك .
وجملة { أن الله يعلم } خبر مستعمل كناية عن الوعيد بالمؤاخذة بما يخفون وما يظهرون من الإنكار والاستكبار وغيرهما بالمُؤاخذة بما يخفون وما يظهرون من الإنكار والاستكبار وغيرهما مؤاخذةَ عقاب وانتقام ، فلذلك عقب بجملة { إنه لا يحب المستكبرين } الواقعةِ موقع التعليل والتذييل لها ، لأن الذي لا يحب فعلاً وهو قادرٌ يجازي فاعله بالسّوء .
والتعريف في { المستكبرين } للاستغراق ، لأن شأن التذييل العموم . ويشمل هؤلاء المتحدّث عنهم فيكون إثبات العقاب لهم كإثبات الشيء بدليله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.