قوله تعالىِ : { إلهكم إله وَاحِدٌ } لما زيف طريقة عبدة الأصنام وفساد مذاهبهم ، قال { إلهكم إله وَاحِدٌ } ثمَّ ذكر ما لأجله أصرَّ الكفار على الشركِ ؛ فقال : { فالذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ } جاحدة { وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } مستعظمون أي : إنَّ المؤمنين في الآخرة يرغبون بالفوز في الثواب الدائم ، ويخافون العقاب الدائم ، فإذا سمعوا الدلائل خافوا ، وتأملوا ، وتفكروا فيما يسمعون ، فلا جرم ينتفعون بسماع الدلائل ، ويرجعون إلى الحقِّ .
وأمَّا الذين لا يؤمنون بالآخرة وينكرونها ، فإنهم لا يرغبون في الثواب ولا يرهبون عن الوقوع في العقاب ، فيبقون منكرين لكلِّ كلامٍ يخالف قولهم ، ويستكبرون عن الرجوع إلى قول غيرهم ، فيبقون مصرِّين على الجهل والضلال .
قوله تعالى : { لاَ جَرَمَ أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المستكبرين } .
قد تقدم الكلام على لفظة " لا جَرمَ " في سورة هودٍ - عليه السلام - والعامة على فتح الهمزة من " أن اللهَ " ، وكسرها عيسى{[19772]} الثقفي رحمه الله ، وفيها وجهان :
والثاني : جريان " لا جرمَ " مجرى القسم فيتلقى بما يتلقى به .
وقال بعض العرب : " لا جَرمَ واللهِ لا [ فَارَقْتَُكَ ]{[19773]} " وهذا يضعف كونها للقسم ؛ لتصريحه بالقسم بعدها ، وإن كان أبُو حيَّان أتى بذلك مقوِّياً لجريانها مجرى القسم .
قوله : { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المستكبرين } ، أي : أنَّ إصرارهم على الكفر ليس لأجل شبهة تصوروها ، بل لأجل التقليد لأسلافهم ، والتَّكبُّر ؛ قال عليه الصلاة والسلام : " لا يَدْخُل الجَنَّة مَنْ كَانَ في قَلْبهِ مِثْقَالُ ذرَّةٍ مِنْ كِبْر ، ولا يدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ في قَلْبِه مِثقَالُ ذرَّةٍ من إيمانٍ ، فقال رجُلٌ : يا رسُولَ الله - صلّى الله عَليْكَ - إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يكُونَ ثَوْبهُ حَسناً ، قال صلى الله عليه وسلم : إنَّ الله - تعَالَى - جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ ، الكِبْرُ : بَطرُ الحقِّ ، وغَمْطُ البَاطلِ {[19774]} " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.