تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَا جَرَمَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡتَكۡبِرِينَ} (23)

الآية 23 : وقوله تعالى : { لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون } يحتمل قوله : { ما يسرون } من المكر برسول الله والكيد له { وما يعلنون } من المظاهرة عليه ، أو { يعلم ما يسرون } من أعمالهم الخبيثة التي أسروها { وما يعلنون } وما أعلنوها . يخبر أنه لا يخفى عليه شيء من أعمالهم أسروا ، أو أعلنوا .

وقوله تعالى : { لا جرم } قال الأصم : { لا جرم } كلمة تستعملها العرب في إيجاب تحقيق أو نفي تحقيق كقولهم : حقا ، ولعمري ، و أيم الله ، ونحوه . وقال الحسن : هي كلمة وعيد . وقال بعضهم : { لا جرم } حقا ، و : بلى ، ولابد ، وكله في الحاصل يرجع إلى واحد ، وهو وعيد لأن قوله : { يعلم ما يسرون وما يعلنون } وعيد ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إنه لا يحب المستكبرين } لأنه لا يحب الاستكبار ، ولا يليق لأحد من الخلائق أن يتكبر على غيره من الخلق ؛ لأن الخلق كلهم أشكال وأمثال ، ولا يجوز لكل ذي مثل أو شكل أن يتكبر على شكله ، ولأن تكبر بعض على بعض كذب وزور ؛ إذ جعل ( الخلق ){[10126]} كلهم أمثالا وأشكالا . لذلك كانوا زورا وكذبا ، وقد حرم الله تعالى الكذب ، والزور ؛ وجعله قبيحا في العقول .


[10126]:ساقطة من الأصل وم.