جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَلَا تَضۡرِبُواْ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡثَالَۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (74)

وقوله : { فَلا تَضْرِبُوا لِلّهِ الأَمْثالَ } يقول : فلا تمثلوا لله الأمثال ، ولا تشبّهوا له الأشباه ، فإنه لا مِثْل له ولا شِبْه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حُذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : الأمثال : الأشباه .

وحدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { فَلا تَضْرِبُوا لِلّهِ الأَمْثالَ } يعني : اتخاذهم الأصنام ، يقول : لا تجعلوا معي إلها غيري ، فإنه لا إله غيري .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقا مِنَ السّمَوَاتِ والأرْضِ شَيْئا وَلا يَسْتَطِيعُونَ } ، قال : هذه الأوثان التي تُعْبد من دون الله ، لا تملك لمن يعبدها رزقا ولا ضرّا ولا نفعا ، ولا حياة ولا نشورا . وقوله : { فَلا تَضْرِبُوا لِلّهِ الأَمْثالَ } ، فإنه : أحَد صَمَد لم يَلِد ولم يُولَد ولم يكن له كُفُوا أحد . { إنّ اللّهَ يَعْلَمُ وأنْتُمْ لا تَعْلَمونَ } يقول : والله أيها الناس يعلم خطأ ما تمثلون وتضربون من الأمثال وصوابه ، وغير ذلك من سائر الأشياء ، وأنتم لا تعلمون صواب ذلك من خطئه .

واختلف أهل العربية في الناصب قوله : «شَيْئا » ، فقال بعض البصريين : هو منصوب على البدل من الرزق ، وهو في معنى : لا يملكون رزقا قليلاً ولا كثيرا . وقال بعض الكوفيين : نصب : «شيئا » ، بوقوع الرزق عليه ، كما قال تعالى ذكره : { ألَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتا أحْياءً وأمْوَاتا } . أي : تكفت الأحياء والأموات ، ومثله قوله تعالى ذكره : { أوْ إطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيما ذا مَقْرَبَةٍ أوْ مِسْكِينا ذَا مَتْرَبَةٍ } . قال : ولو كان الرزق مع الشيء لجاز خفضه ، لا يملك لكم رزق شيء من السموات ، ومثله : { فَجَزَاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النّعَمِ } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَلَا تَضۡرِبُواْ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡثَالَۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (74)

وقوله : { فلا تضربوا } ، أي : لا تمثلوا لله الأمثال ، وهو مأخوذ من قولك : ضريب هذا ، أي : مثله ، والضرب : النوع ، تقول : الحيوان على ضروب ، وهذان من ضرب واحد ، وباقي الآية بين .