وقوله : أئِنّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بالّذِي خَلَقَ الأرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وذلك يوم الأحد ويوم الاثنين وبذلك جاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالته العلماء ، وقد ذكرنا كثيرا من ذلك فيما مضى قبل ، ونذكر بعض ما لم نذكره قبل إن شاء الله . ذكر بعض ما لم نذكره فيما مضى من الأخبار بذلك :
حدثنا هناد بن السريّ ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبي سعيد البقال ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : هناد : قرأت سائر الحديث على أبي بكر أن اليهود أتت النبيّ صلى الله عليه وسلم فسألته عن خلق السموات والأرض ، قال : «خَلَقَ اللّهُ الأرْضَ يَوْمَ الأحَدِ وَالاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الجِبالَ يَوْمَ الثّلاثاءِ ومَا فِيهِنّ مِنْ منَافِعَ ، وَخَلَقَ يَوْمَ الأرْبَعاءِ الشّجَرَ والمَاءَ والمَدَائِنَ والعُمْرَانَ والخَرَابَ ، فَهَذِهِ أرْبَعَةٌ ، ثُمّ قال : أئِنّكُمْ لَتَكْفُرونَ بالّذِي خَلَقَ الأرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ، وَتَجْعَلُونَ لَهُ أنْدَادا ، ذلكَ رَبّ العَالَمِينَ ، وَجَعَلَ فِيها رَوَاسي مِنْ فَوْقِها وبَارَكَ فِيها ، وَقَدّرَ فِيها أقْوَاتَها في أرْبَعَةِ أيّامٍ سَوَاءً للسّائلِيِنَ لِمَنْ سأَلَ . قالَ : وَخَلَقَ يَوْمَ الخَمِيسِ السّماءَ ، وخَلَقَ يَوْمَ الجُمُعَةِ النّجُومَ والشّمْسَ والقَمَرَ وَالمَلائِكَةِ إلى ثَلاثَ ساعاتٍ بَقِيَتْ مِنْهُ فَخَلَقَ في أوّلِ ساعَةٍ مِنْ هَذِهِ الثّلاثَةِ الاَجالَ حِينَ يَمُوتُ مَنْ ماتَ ، وفي الثّانِيَةِ ألْقَى الاَفَةَ على كُلّ شَيْءً مِمّا يَنْتَفِعُ بِهِ النّاسُ ، وفي الثّالِثَةِ آدَمَ وأسْكَنَهُ الجَنّةَ ، وأمَرَ إبْلِيسَ بالسّجُودِ لَهُ ، وأخْرَجَهُ مِنْها في آخِرِ ساعَةٍ » قالت اليهود : ثم ماذا يا محمد ؟ قال : «ثُمّ اسْتَوَى على العَرْشِ » ، قالوا : قد أصبت لو أتممت ، قالوا ثم استراح فغضب النبيّ صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا ، فنزل : وَلَقَدْ خَلَقْنا السّمَوَاتِ والأرْضَ وَمَا بَيْنَهُما فِي سِتّةِ أيّامٍ وَما مَسّنا مِنْ لَغُوبٍ فاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ .
حدثنا تميم بن المنتصر ، قال : أخبرنا إسحاق ، عن شريك ، عن غالب بن غلاب ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس ، قال : إن الله خلق يوما واحدا فسماه الأحد ، ثم خلق ثانيا فسماه الاثنين ، ثم خلق ثالثا فسماه الثلاثاء ، ثم خلق رابعا فسماه الأربعاء ، ثم خلق خامسا فسماه الخميس قال : فخلق الأرض في يومين : الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء ، فذلك قول الناس : هو يوم ثقيل ، وخلق مواضع الأنهار والأشجار يوم الأربعاء ، وخلق الطير والوحوش والهوامّ والسباع يوم الخميس ، وخلق الإنسان يوم الجمعة ، ففرغ من خلق كلّ شيء يوم الجمعة .
حدثنا موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ خَلَقَ الأرْضَ فِي يَوْمَيْنِ في الأحد والاثنين .
حدثني القاسم بن بشر بن معروف والحسين بن عليّ قالا : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، قال أخبرني إسماعيل بن أمية ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع مولى أمّ سلمة ، عن أبي هريرة قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال : «خَلَقَ اللّهُ التّرْبَةَ يَوْمَ السّبْتِ ، وَخَلَقَ فِيها الجِبالَ يَوْمَ الأحَدِ ، وَخَلَقَ الشّجَرَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ المَكْرُوهُ يَوْمَ الثّلاثاءِ ، وَخَلَقَ النّورَ يَوْمَ الأرْبِعاءِ ، وَبَثّ فِيها الدّوَابّ يَوْمَ الخَمِيسِ ، وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ العَصْرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ آخِرِ خَلْق في آخرِ ساعَةٍ مِنْ ساعاتِ الجُمُعَةِ فِيما بَينَ العَصْرِ إلى اللّيْلِ » .
وقوله : وَتَجْعَلُونَ لَهُ أنْدَادا يقول : وتجعلون لمن خلق ذلك كذلك أندادا ، وهم الأكفاء من الرجال تطيعونهم في معاصي الله ، وقد بيّنا معنى الندّ بشواهده فيما مضى قبل .
وقوله : ذَلكَ رَبّ العَالمِينَ يقول : الذي فعل هذا الفعل ، وخلق الأرض في يومين ، مالك جميع الجن والإنس ، وسائر أجناس الخلق ، وكلّ ما دونه مملوك له ، فكيف يجوز أن يكون له ند ؟ هل يكون المملوك العاجز الذي لا يقدر على شيء ندّا لمالكه القادر عليه ؟
وقد تقدم القول غير مرة في نظير قوله : { أئنكم } .
واختلف رواة الحديث في اليوم الذي ابتدأ الله تعالى فيه خلق الأرض ، فروي عن ابن عباس وغيره : أن أول يوم هو الأحد ، وأن الله تعالى خلق فيه وفي الاثنين : الأرض ، ثم خلق الجبال ونحوها يوم الثلاثاء . قال ابن عباس فمن هنا قيل : هو يوم ثقيل . ثم خلق الشجر والثمار والأنهار يوم الأربعاء ، ومن هنا قيل : هو يوم راحة وتفكر في هذه التي خلقت فيه . ثم خلق السماوات وما فيها يوم الخميس ويوم الجمعة ، وفي آخر ساعة من يوم الجمعة : خلق آدم . وقال السدي : وسمي يوم الجمعة لاجتماع المخلوقات فيه وتكاملها ، فهذه رواية فيها أحاديث مشهورة . ولما لم يخلق تعالى في يوم السبت شيئاً امتنع فيه بنو إسرائيل عن الشغل . ووقع في كتاب مسلم بن الحجاج : أن أول يوم خلق الله فيه التربة يوم السبت ، ثم رتب المخلوقات على ستة أيام ، وجعل الجمعة عارياً من المخلوقات على ستة أيام إلا من آدم وحده . والظاهر من القصص في طينة آدم أن الجمعة التي خلق فيها آدم قد تقدمتها أيام وجمع كثيرة ، وأن هذه الأيام التي خلق الله فيها هذه المخلوقات هي أول الأيام ، لأن بإيجاد الأرض والسماء والشمس وجد اليوم ، وقد يحتمل أن يجعل تعالى قوله : { يومين } على التقدير ، وإن لم تكن الشمس خلقت بعد ، وكأن تفصيل الوقت يعطي أنها الأحد ويوم الاثنين كما ذكر . والأنداد : الأشباه والأمثال ، وهذه إشارة إلى كل ما عبد من الملائكة والأصنام وغير ذلك . قال السدي : أكفاء من الرجال تطيعونهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.