جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} (14)

وقوله : وَقَدْ خَلَقَكُمْ أطْوَارا يقول : وقد خلقكم حالاً بعد حال ، طورا نُطْفة ، وطورا عَلَقة ، وطورا مضغة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَقَدْ خَلَقَكُمْ أطْوَارا يقول : نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَقَدْ خَلَقَكُمْ أطْوَارا قال : من تراب ، ثم من نطفة ، ثم من علقة ، ثم ما ذكر حتى يتمّ خلقه .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : وَقَدْ خَلَقَكُمْ أطْوَارا طورا نطفة ، وطورا علقة ، وطورا عظاما ، ثم كسا العظام لحما ، ثم أنشأه خلقا آخر ، أنبت به الشعر ، فتبارك الله أحسن الخالقين .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة وَقَدْ خَلَقَكُمْ أطْوَارا قال : نطفة ، ثم علقة ، ثم خلقا طورا بعد طور .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : خَلَقَكُمْ أطْوَارا يقول : من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَقَدْ خَلَقَكُمْ أطْوَارا قال : طورا النطفة ، ثم طورا أمشاجا حين يمشج النطفة الدم ، ثم يغلب الدم على النطفة ، فتكون علقة ، ثم تكون مضغة ، ثم تكون عظاما ، ثم تُكسي العظام لحما .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : وَقَدْ خَلَقَكُمْ أطْوَارا قال : نطفة ، ثم علقة ، شيئا بعد شيء .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} (14)

وقد خلقككم أطوارا حال مقررة للإنكار من حيث إنها موجبة للرجاء فإنه خلقهم أطوارا أي تارات إذ خلقهم أولا عناصر ثم مركبات تغذي الإنسان ثم أخلاطا ثم نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما ولحوما ثم أنشأهم خلقا آخر فإنه يدل على أنه يمكن أن يعيدهم تارة أخرى فيعظمهم بالثواب وعلى أنه تعالى عظيم القدرة تام الحكمة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} (14)

وجملة { وقد خلقكم أطواراً } حال من ضمير { لكم } أو ضمير { تَرْجُون } ، أي في حال تحققكم أنه خلقكم أطواراً .

فأما أنه خلقهم فمُوجِب للاعتراف بعظمته لأنه مكونهم وصانعهم فحق عليهم الاعتراف بجلاله .

وأما كون خلقهم أطواراً فلأن الأطوار التي يعلمونها دالّة على رفقه بهم في ذلك التطور ، فهذا تعريض بكفرهم النعمة ، ولأن الأطوار دالة على حكمة الخالق وعلمه وقدرته ، فإن تطور الخلق من طور النطفة إلى طور الجنين إلى طور خروجه طفلاً إلى طور الصبا إلى طور بلوغ الأشد إلى طور الشيخوخة وطُروّ الموت على الحياة وطروّ البِلى على الأجساد بعد الموت ، كل ذلك والذاتُ واحدة ، فهو دليل على تمكن الخالق من كيفيات الخلق والتبديل في الأطوار ، وهم يدركون ذلك بأدنى التفات الذهن ، فكانوا محقوقين بأن يتوصلوا به إلى معرفة عظمة الله وتوقع عقابه لأن الدلالة على ذلك قائمة بأنفسهم وهل التصرف فيهم بالعقاب والإِثابة إلاّ دون التصرف فيهم بالكَون والفساد .

والأطوار : جمع طَور بفتح فسكون ، والطور : التارة ، وهي المرة من الأفعال أو من الزمان ، فأريد من الأطوار هُنا ما يحصل في المرات والأزمان من أحوال مختلفة ، لأنه لا يقصد من تعدد المرات والأزمان إلاّ تعدد ما يحصل فيها ، فهو تعدد بالنوع لا بالتكرار كقول النابغة :

فإنْ أفاقَ لقَد طالت عَمايته *** والمرءُ يُخْلَق طوراً بعدَ أطوار

وانتصب { أطواراً } على الحال من ضمير المخاطبين ، أي تطور خلقهم لأن { أطواراً } صار في تأويل أحوالاً في أطوار .