جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (14)

وقوله : وَجَحَدُوا بِها يقول : وكذّبوا بالاَيات التسع أن تكون من عند الله ، كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج وَجَحَدُوا بِها قال : الجحود : التكذيب بها .

وقوله : وَاسْتَيْقَنَتْها أنْفُسُهُمْ يقول : وأيقنتها قلوبهم ، وعلموا يقينا أنها من عند الله ، فعاندوا بعد تبينهم الحقّ ، ومعرفتهم به ، كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس وَاسْتَيْقَنَتْها أنْفُسُهُمْ قال : يقينهم في قلوبهم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله الله : وَاسْتَيْقَنَتْها أنْفُسُهُمْ ظُلْما وَعُلُوّا قال : استيقنوا أن الاَيات من الله حقّ ، فلم جحدوا بها ؟ قال : ظلما وعلوّا .

وقوله : ظُلْما وَعُلُوّا يعني بالظلم : الاعتداء ، والعلوّ : الكبر ، كأنه قيل : اعتداء وتكبرا وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، في قوله ظُلْما وَعُلُوّا قال : تعظما واستكبارا ، ومعنى ذلك : وجحدوا بالاَيات التسع ظلما وعلوّا ، واستيقنتها أنفسهم أنها من عند الله ، فعاندوا الحقّ بعد وضوحه لهم ، فهو من المؤخر الذي معناه التقديم .

وقوله : فانْظُرْ كَيْف كانَ عاقِبَةُ المُفْسِدِينَ . يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فانظر يا محمد بعين قلبك كيف كان عاقبة تكذيب هؤلاء الذين جحدوا آياتنا حين جاءتهم مبصرة ، وماذا حلّ بهم من إفسادهم في الأرض ومعصيتهم فيها ربهم ، وأعقبهم ما فعلوا ، فإن ذلك أخرجهم من جنات وعيون ، وزروع ومقام كريم ، إلى هلاك في العاجل بالغرق ، وفي الاَجل إلى عذاب دائم ، لا يفتر عنهم ، وهم فيه مبلسون . يقول : وكذلك يا محمد سنتي في الذين كذّبوا بما جئتهم به من الاَيات على حقيقة ما تدعوهم إليه من الحقّ من قومك .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (14)

{ وجحدوا بها } وكذبوا بها . { واستيقنتها أنفسهم } وقد استيقنتها لأن الواو للحال . { ظلما } لأنفسهم . { وعلوا } ترفعا عن الإيمان ، وانتصابهما على العلة من { جحدوا } { فانظر كيف كان عاقبة المفسدين } وهو الإغراق في الدنيا والإحراق في الآخرة .