جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ لَهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَۚ كَذَٰلِكَ يَجۡزِي ٱللَّهُ ٱلۡمُتَّقِينَ} (31)

القول في تأويل قوله تعالى : { جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللّهُ الْمُتّقِينَ } .

يعني تعالى ذكر بقوله : جَنّاتُ عَدْنٍ بساتين للمقام ، وقد بيّنا اختلاف أهل التأويل في معنى عدن فيما مضى بما أغنى عن إعادته . يَدْخُلُونَها يقول : يدخلون جنات عدن . وفي رفع «جناتٌ » أوجه ثلاث : أحدها : أن يكون مرفوعا على الابتداء ، والاَخر : بالعائد من الذكر في قوله : «يَدْخُلُونَها » ، والثالث : على أن يكون خبر النعم ، فيكون المعنى إذا جعلت خبر النعم : ولنعم دار المتقين جنات عدن ، ويكون «يَدْخُلُونَها » في موضع حال ، كما يقال : نعم الدار دار تسكنها أنت . وقد يجوز أن يكون إذا كان الكلام بهذا التأويل «يدخلونها » من صلة «جنات عدن » . وقوله : تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأنهَارُ يقول : تجري من تحت أشجارها الأنهار . لَهُمْ فِيها ما يشاءُونَ يقول : للذين أحسنوا في هذه الدنيا في جنات عدن ما يشاءون مما تشتهي أنفسهم وتلذّ أعينهم . كَذلكَ يَجْزِي اللّهُ المُتّقِينَ يقول : كما يجزي الله هؤلاء الذين أحسنوا في هذه الدنيا بما وصف لكم أيها الناس أنه جزاهم به في الدنيا والاَخرة ، كذلك يجزي الذين اتقوه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه .