قوله { جَنَّاتُ عَدْنٍ } يجوز أن يكون هو المخصوص بالمدح ؛ فيجيء فيها ثلاثة أوجهٍ :
رفعها بالابتداءِ ، والجملة المتقدمة خبرها .
أو رفعها بالابتداءِ ، والخبر محذوف ؛ وهو أضعفها ، وقد تقدم تحقيق ذلك .
ويجوز أن يكون " جَنَّاتُ عَدنٍ " خبر مبتدأ مضمرٍ لا على ما تقدم ، بل يكون المخصوص [ بالمدح ]{[19806]} محذوفاً ؛ تقديره : ولنعم دارُ المتقين دارهم هي جنات .
وقدره الزمخشري : { ولنِعْمَ دارُ المتَّقِينَ دَارُ الآخرة } " ويجوز أن يكون مبتدأ ، والخبر جملة ، من قوله " يَدْخُلونهَا " ويجوز أن يكون الخبر مضمراً ، تقديره : لهم جنَّات عدنٍ ، ودلَّ على ذلك قوله : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هذه الدنيا حَسَنَةٌ } .
والعامة على رفع " جَنَّات " على ما تقدم ، وقرأ زيد{[19807]} بن ثابت ، والسلميُّ " جَنَّاتِ " نصباً على الاشتغالِ بفعلٍ مضمرٍ ، تقديره : يدخُلونَ جنَّاتِ عدْنٍ يَدخُلونهَا ، وهذا يقوي أن يكون " جَنَّاتُ " مبتدأ ، و " يَدْخُلونهَا " الخبر في قراءةِ العامَّة ، وقرأ زيد{[19808]} بن عليٍّ : " ولنِعْمَتْ " بتاءِ التأنيث ، مرفوعة بالابتداء و " دَارِ " خفض بالإضافة ، فيكون " نِعْمَت " مبتدأ و " جَنَّات عَدْنٍ " الخبر . و " يدخلونها " في جميع ذلك نصب على الحال ، إلا إذا جعلناه خبراً ل " جنات " ، وقرأ نافع{[19809]} في رواية : " يُدخَلُونهَا " بالياء من تحت ؛ مبنياً للمفعول .
وقرأ أبو عبد الرحمن{[19810]} : " تَدْخُلونهَا " بتاء الخطاب مبنياً للفاعل .
قوله : { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار } يجوز أن يكون منصوباً على الحال من " جَنَّاتُ " قاله ابن عطيَّة ، وأن يكون في موضع الصفة ل " جنَّات " قاله الحوفيُّ ، والوجهان مبنيَّان على القول في " عَدْنٍ " هل هي معرفة ؛ لكونه علماً ، أو نكرة ؟ فقائل الحال : لحظ الأول ، وقائل النَّعتِ : لحظ الثاني .
قوله : { لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ } الكلام في هذه الجملة ، كالكلام في الجملة قبلها ، والخبر إمَّا " لَهُمْ " وإمَّا " فِيهَا " .
قوله : " كَذلِكَ " الكاف في محل نصب على الحال من ضمير المصدر ؛ أو نعتاً لمصدرٍ مقدَّر ، أو في محل رفع خبر المبتدأ مضمر ، أي : الأمر كذلك و{ يَجْزِي الله المتقين } مستأنف .
قال الحسن : دار المتقين هي الدُّنيَا ؛ لأنَّ أهل التَّقوى يتزوَّدون فيها للآخرة{[19811]} .
وقال أكثرُ المفسرين : هي الجنَّة ، ثم فسرها فقال : { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا } فقوله " جَنَّاتُ عدْنٍ " يدلُّ على القصور ، والبساتين ، وقوله : " عَدْنٍ " يدل على الدَّوامِ ، وقوله : { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار } يدل على أنه حصل هناك أبنية يرتفعون عليها ، والأنهار جارية من تحتهم ، { لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ } من كلِّ الخيراتِ ، { كَذَلِكَ يَجْزِي الله المتقين } أي : هذا جزاء التَّقوى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.