جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَقَدۡ كَفَرُواْ بِهِۦ مِن قَبۡلُۖ وَيَقۡذِفُونَ بِٱلۡغَيۡبِ مِن مَّكَانِۭ بَعِيدٖ} (53)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَدْ كَفَرُواْ بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مّكَانٍ بَعِيدٍ } .

يقول تعالى ذكره : وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ يقول : وقد كفروا بما يسألونه ربهم عند نزول العذاب بهم ، ومعاينتهم إياه من الإقالة له ، وذلك الإيمان بالله ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبما جاءهم به من عند الله .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ : أي بالإيمان في الدنيا .

وقوله : وَيَقْذِفُونَ بالغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ يقول : وهم اليوم يقذفون بالغيب محمدا من مكان بعيد ، يعني أنهم يرجمونه ، وما أتاهم من كتاب الله بالظنون والأوهام ، فيقول بعضهم : هو ساحر ، وبعضهم شاعر ، وغير ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وَيَقْذِفُونَ بالغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ قال : قولهم ساحر ، بل هو كاهن ، بل هو شاعر .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَيَقْذِفُونَ بالغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ أي يرجمون بالظنّ ، يقولون : لا بعث ، ولا جنة ، ولا نار .

حدثني يونس ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَيَقْذِفُونَ بالغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ قال : بالقرآن .