اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقَدۡ كَفَرُواْ بِهِۦ مِن قَبۡلُۖ وَيَقۡذِفُونَ بِٱلۡغَيۡبِ مِن مَّكَانِۭ بَعِيدٖ} (53)

قوله : { وَقَدْ كَفَرُواْ بِهِ } جملة حالية . وقوله «به » أي بالقرآن . وقيل : بالله أو محمد- عليه ( الصلاة و ){[44925]} السلام- .

وقيل : بالعذاب أو البعث . و «من قبل » أي من قبل نزول العذاب . وقيل : من قبل أن عاينوا أهوال القيامة{[44926]} ، ويجوز أن تكون الجملة مستأنفة والأول أظهر .

قوله : { وَيُقْذَفُونَ } يجوز فيها الاستئنافُ والحال{[44927]} ، وفيه بعد . عكس الأول لدخول الواو على مضارع مثبت{[44928]} . وقرأ أبو حيوة ومجاهد ومحبوب عن أبي عمرو : ويُقْذَفُونَ مبنياً للمفعول{[44929]} أي يُرْجَمُونَ بما يسوؤهُمْ من جزاء أعمالهم من حيث لا يحْتسبون .

فصل

ويقذفون قال مجاهد : يرمون محمداً صلى الله عليه وسلم بالظن لا باليقين وهو قولهم : ساحرٌ وشاعرٌ وكاهنٌ . ومعنى الغيب هو الظن لأنه غاب علمه عنهم والمكان البعيد بعدهم عن علم ما يقولون والمعنى يَرْمُونَ محمداً بما لا يعلمون من حيث لا يعلمون .

وقال قتادة : «أي يرجمون بالظن يقولون لا بعثَ ولا جنةَ ولا نَارَ »{[44930]} .


[44925]:زيادة من "ب".
[44926]:انظر هذه الأقوال في زاد المسير لابن الجوزي 5/470 والقرطبي 14/317 وقال بحالية تلك الجملة العلامة أبو حيان في بحره 7/942.
[44927]:نقله أبو حيان في البحر 7/294 والزمخشري في الكشاف 3/296 إلا أن الزمخشري قال بالحال فقط بينما قال أبو حيان بالحال والاستئناف معا.
[44928]:فشرط الجملة الحالية أن يكون فيها رابط والرابط هذا ضمير صاحبها أو الواو. ويتعين الضمير في المصدر بمضارع مثبت عار من "قد" أو منفي بلا أو ماض بعد إلا أو بعده. ولا تغني عن الضمير الواو ولا تجامعه غالبا فحتى نعتبر يقذفون حالية علينا أن نقدر ضمير مبتدأ والجملة تصبح حالية بعد أي وهم يقذفون. بتصرف من الهمع 2/246.
[44929]:نقلها الزمخشري في الكشاف 3/296 وأبو حيان في البحر 7/294.
[44930]:نقل هذه الأقوال القرطبي في الجامع 14/317 والبغوي في معالم التنزيل 5/296.