وقوله : كأنّهُنّ بَيضٌ مَكْنُونٌ اختلف أهل التأويل في الذي به شبهن من البيض بهذا القول ، فقال بعضهم : شبهن ببطن البيض في البياض ، وهو الذي داخل القِشْر ، وذلك أن ذلك لم يمسّه شيء . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد بن جُبَير ، في قوله : كأنّهُنّ بَيضٌ مَكْنُونٌ قال : كأنهن بطْن البيض .
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ كأنّهُنّ بَيضٌ مَكْنُونٌ قال : البيض حين يُقْشر قبل أن تمسّه الأيدي .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة كأنّهُنّ بَيضٌ مَكْنُونٌ لم تمرّ به الأيدي ولم تمسه ، يشبهن بياضه .
وقال آخرون : بل شبهن بالبيض الذي يحضنه الطائر ، فهو إلى الصفرة ، فشبه بياضهنّ في الصفرة بذلك . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : كأنّهُنّ بَيضٌ مكْنونٌ قال : البيض الذي يُكنه الريش ، مثل بيض النعام الذي قد أكنه الريش من الريح ، فهو أبيض إلى الصّفْرة فكأنه يُبرُقُ ، فذلك المكنون .
وقال آخرون : بل عنى بالبيض في هذا الموضع : اللؤلؤ ، وبه شبهن في بياضه وصفائه . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : كأنّهُنّ بَيضٌ مَكْنُونٌ يقول : اللؤلؤ المكنون .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي قول من قال : شبهن في بياضهن ، وأنهنّ لم يمسّهنّ قبل أزواجهنّ إنس ولا جانّ ببياض البيض الذي هو داخل القشر ، وذلك هو الجلدة المُلْبَسة المُحّ قبل أن تمسه يد أو شيء غيرها ، وذلك لا شكّ هو المكنون فأما القشرة العليا فإن الطائر يمسها ، والأيدي تباشرها ، والعُشّ يلقاها . والعرب تقول لكلّ مصون مكنون ما كان ذلك الشيء لؤلؤا كان أو بيضا أو متاعا ، كما قال أبو دَهْبَل :
وَهْيَ زَهْرَاءُ مِثْلُ لُؤْلُؤَةِ الغَوّا *** صِ مِيزَتْ مِنْ جَوْهَرٍ مَكْنُونِ
وتقول لكلّ شيء أضمرته الصدور : أكنته ، فهو مُكنّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : حدثنا محمد بن الفرج الصّدَفي الدّمياطيّ ، عن عمرو بن هاشم عن ابن أبي كريمة ، عن هشام ، عن الحسن ، عن أمه ، عن أمّ سلمة قلتُ : يا رسول الله أخبرني عن قوله كأنّهُنّ بَيْضٌ مَكْنُون قال : «رِقّتُهُنّ كَرِقّةِ الجِلْدَةِ التي رأيْتَها فِي داخِلِ البَيْضَة التي تَلِي القِشْرَ وَهِيَ الغِرْقيءُ » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.