البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{كَأَنَّهُنَّ بَيۡضٞ مَّكۡنُونٞ} (49)

البيض : معروف ، وهو اسم جنس ، الواحد بيضة ، وسمي بذلك لبياضه ، ويجمع على بيوض . قال الشاعر :

بتيهاء قفر والمطي كأنها *** قطا الحزن قد كانت فراخاً بيوضها

{ كأنهن بيض مكنون } : شبههن ، قال الجمهور : ببيض النعام المكنون في عشه ، وهو الأدحية ولونها بياض به صفرة حسنة ، وبها تشبه النساء فقال :

مضيئات الخدود . . .

ومنه قول امرىء القيس :

وبيضة خدر لا يرام خباؤها *** تمتعت من لهو بها غير معجل

كبكر مغاناة البياض بصفرةغذاها *** نمير الماء غير المحلل

وقال السدي ، وابن جبير : شبه ألوانهن بلون قشر البيضة الداخل ، وهو غرقىء البيضة ، وهو المكنون في كن ، ورجحه الطبري وقال : وأما خارج قشر البيضة فليس بمكنون .

وعن ابن عباس ، البيض المكنون : الجوهر المصون ، واللفظ ينبو عن هذا القول .

وقالت فرقة : هو تشبيه عام جملة المرأة بجملة البيضة ، أراد بذلك تناسب أجزاء المرأة ، وأن كل جزء منها نسبته في الجودة إلى نوعه نسبة الآخر من أجزائها إلى نوعه ؛ فنسبة شعرها إلى عينها مستوية ، إذ هما غاية في نوعها ، والبيضة أشد الأشياء تناسب أجزاء ، لأنها من حيث حسنها في النظر واحد ، كما قال بعض الأدباء يتغزل :

تناسبت الأعضاء فيه فلا ترى *** بهن اختلافاً بل أتين على قدر