جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِي ٱلۡحَافِرَةِ} (10)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَقُولُونَ أَإِنّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ * أَإِذَا كُنّا عِظَاماً نّخِرَةً * قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرّةٌ خَاسِرَةٌ * فَإِنّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُم بِالسّاهِرَةِ } .

يقول تعالى ذكره : يقول هؤلاء المكذّبون بالبعث من مشركي قريش إذا قيل لهم : إنكم مبعوثون من بعد الموت : أئنا لمردودون إلى حالنا الأولى قبل الممات ، فراجعون أحياء كما كنا قبل هلاكنا ، وقبل مماتنا ؟ وهو من قولهم : رجع فلان على حافرته : إذا رجع من حيث جاء ومنه قول الشاعر :

أحافِرَةٌ عَلى صَلَعٍ وشَيْبٍ *** مَعاذَ اللّهِ مِنْ سَفَهٍ وطَيْشِ

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : الْحافِرَةُ : يقول : الحياة .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله أئِنّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ يقول : أئنا لنحيا بعد موتنا ، ونُبعث من مكاننا هذا ؟

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة يقول : أئِنّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ : أئِنّا لمَبْعُوثُونَ خَلْقا جَدِيدا ؟

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة فِي الْحافِرةِ قال : أي مردودون خَلقا جديدا .

حدثنا أبو كُريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن أبي معشر ، عن محمد بن قيس أو محمد بن كعب القُرَظيّ أئِنّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ قال : في الحياة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن السديّ أئِنّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ قال : في الحياة .

وقال آخرون : الحافرة : الأرض المحفورة التي حُفرت فيها قبورهم ، فجعلوا ذلك نظير قوله : مِنْ ماءٍ دَافِقٍ يعني مدفوق ، وقالوا : الحافرة بمعنى المحفورة ، ومعنى الكلام عندهم : أئنا لمردودون في قبورنا أمواتا ؟

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : الْحافِرَةِ قال : الأرض ، نُبعث خلقا جديدا ، قال : البعث .

حدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد أئِنّا لَمَرْدُودونَ فِي الْحافِرَةِ قال : الأرض ، نُبعث خلقا جديدا .

وقال آخرون : الحافرة : النار . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت ابن زيد يقول في قول الله : أئِنّا لَمَرْدُودونَ فِي الْحافِرَةِ : قال : الحافرة : النار ، وقرأ قول الله : تِلكَ إذا كَرّةٌ خاسِرَةٌ قال : ما أكثر أسماءها ، هي النار ، وهي الجحيم ، وهي سَقَرُ ، وهي جَهَنم ، وهي الهاوية ، وهي الحافرة ، وهي لَظًى ، وهي الحُطَمة .