القول في تأويل قوله تعالى : { جَزَآءً مّن رّبّكَ عَطَآءً حِسَاباً * رّبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرّحْمََنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً * يَوْمَ يَقُومُ الرّوحُ وَالْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاّ يَتَكَلّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرّحْمََنُ وَقَالَ صَوَاباً } .
يعني بقوله جلّ ثناؤه : جَزَاءً مِنْ رَبكَ عَطاءً أعطى الله هؤلاء المتقين ما وصف في هذه الاَيات ثوابا من ربك بأعمالهم ، على طاعتهم إياه في الدنيا .
وقوله : عَطاءً يقول : تفضلاً من الله عليهم بذلك الجزاء ، وذلك أنه جزاهم بالواحد عشرا في بعض ، وفي بعض بالواحد سبع مِئَة ، فهذه الزيادة وإن كانت جزاء فعطاء من الله .
وقوله : حِسابا يقول : محاسبة لهم بأعمالهم لله في الدنيا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : جَزَاءً مِنْ رَبّكَ عَطاءً حسِابا قال : عطاء منه حسابا لما عملوا .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة جَزَاءً مِنْ رَبّكَ عَطاءً حِسابا : أي عطاء كثيرا ، فجزاهم بالعمل اليسير ، الخير الجسيم ، الذي لا انقطاع له .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن مَعْمر ، عن قتادة ، في قوله : عَطاءً حِسابا قال : عطاء كثيرا وقال مجاهد : عطاء من الله حسابا بأعمالهم .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت ابن زيد يقول في قول الله : جَزَاءً مِنْ رَبّكَ عَطاءً حسابا فقرأ : إنّ لِلْمُتّقِينَ مَفازا حَدَائِقَ وأعْنابا وكَوَاعِبَ أتْرَابا . . . إلى عَطاءً حسابا قال : فهذه جزاء بأعمالهم عطاء الذي أعطاهم ، عملوا له واحدة ، فجزاهم عشرا ، وقرأ قول الله : مَنْ جاءَ بالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمْثالِهَا ، وقرأ قول الله : مَثَلُ الّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبّةٍ أنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ قال : يزيد من يشاء ، كان هذا كله عطاء ، ولم يكن أعمالاً يحسبه لهم ، فجزاهم به حتى كأنهم عملوا له ، قال : ولم يعملوا إنما عملوا عشرا ، فأعطاهم مئة ، وعملوا مئة ، فأعطاهم ألفا ، هذا كله عطاء ، والعمل الأوّل ، ثم حَسَب ذلك حتى كأنهم عملوا ، فجزاهم كما جزاهم بالذي عملوا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.