التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ طُوبَىٰ لَهُمۡ وَحُسۡنُ مَـَٔابٖ} (29)

وقوله - تعالى - { الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات طوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ } بيان للثواب الجزيل الذي أعده - سبحانه - للمؤمنين الصادقين .

وطوبى : مصدر كبشرى وزلفى من الطيب ، وأصله طُيْبَى ، فقلبت الياء واواً لوقوعها ساكنة إثر ضمة ، كما قلبت في موقن وموسر وهو من اليقين واليسر .

وقيل : طوبى ، اسم شجرة في الجنة .

قال ابن كثير ما ملخصه : قوله { طوبى لَهُمْ } قال ابن عباس : أى فرح وقرة عين لهم .

وقال الضحاك : أى غبطة لهم . وقال إبراهيم النخعى : أى خير لهم .

وقال قتادة : طوبى ، كلمة عربية . يقول الرجل لغيره : طوبى لك أى : أصبت خيراً .

وقال سعيد بن جبير بن ابن عباس { طوبى لَهُمْ } قال : هي أرض الجنة بالحبشية .

وقال سعيد بن مشجوج { طوبى } اسم الجنة بالهندية .

وروى ابن جرير عن شهر بن حوشب قال : { طوبى } : شجرة في الجنة كل شجر الجنة منها .

. .

وهكذا روى عن ابن عباس وأبى هريرة وغير واحد من السلف ، " أن طوبى شجرة في الجنة ، في كل دار في الجنة غصن منها " .

والمآب : المرجع والمنقلب من الأوب وهو الرجوع . يقال : آب يئوب أوبا وإبابا ومآبا إذا رجع .

والمعنى : الذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحات لهم في آخرتهم ، عيش طيب . وخير كامل ، ومرجع حسن يرجعون به إلى ربهم وخالقهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ طُوبَىٰ لَهُمۡ وَحُسۡنُ مَـَٔابٖ} (29)

{ الذين آمنوا وعملوا الصالحات } مبتدأ خبره . { طوبى لهم } وهو فعلى من الطيب قلبت ياؤه واوا لضمة ما قبلها مصدر لطاب كبشرى وزلفى ، ويجوز فيه الرفع والنصب ولذلك قرئ . { وحُسن مآب } بالنصب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ طُوبَىٰ لَهُمۡ وَحُسۡنُ مَـَٔابٖ} (29)

و { الذين } الثاني ابتداء وخبره : { طوبى لهم } ويصح أن يكون { الذين } بدلاً من الأول . و { طوبى } ابتداء و { لهم } خبره . و { طوبى } اسم ، يدل على ذلك كونه ابتداء . وهي فعلى من الطيب في قول بعضهم ، وذهب سيبويه بها مذهب الدعاء وقال : هي في موضع رفع ، ويدل على ذلك رفع { وحسن }{[6963]} . وقال ثعلب : { طوبى } مصدر . وقرىء «وحسنَ بالنصب ف { طوبى } على هذا مصدر كما قالوا : سقياً لك ، ونظيره من المصادر الرجعى والعقبى . قال ابن سيده : والطوبى جمع طيبة عن كراع . ونظيره كوسى في جمع كيسة وضوفى في جمع ضيفة .

قال القاضي أبو محمد : والذي قرأ : » وحسنَ «بالنصب هو يحيى بن يعمر وابن أبي عبلة واختلف في معنى { طوبى } فقيل : خير لهم ، وقال عكرمة : معناه نعم ما لهم ، وقال الضحاك : معناه : غبطة لهم . وقال ابن عباس : { طوبى } : اسم الجنة بالحبشية ، وقال سعيد بن مسجوع : اسم الجنة { طوبى } بالهندية ، وقيل { طوبى } : اسم شجرة في الجنة - وبهذا تواترت الأحاديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «طوبى : شجرة في الجنة ، يسير الراكب المجدّ في ظلها مائة عام لا يقطعها ، اقرؤوا إن شئتم { وظل ممدود }{[6964]} [ الواقعة : 30 ] » . وحكى الطبري عن أبي هريرة وعن مغيث بن سميّ وعتبة بن عبد يرفعه أخباراً مقتضاها : أن هذه الشجرة ليس دار في الجنة إلا وفيها من أغصانها ، وأنها تثمر بثياب أهل الجنة ، وأنه يخرج منها الخيل بسروجها ولجمها ونحو هذا مما لم يثبت سنده .

و » المآب « : المرجع من آب يؤوب . ويقال في { طوبى } طيبى .


[6963]:وكما يقال في الكلام: "ويل لعمرو" ، وإنما أوثر الرفع في "طوبى" لحسن الإضافة فيه بغير لام، وذلك أنه يقال: طوباك، كما يقال: ويلك وويبك، ولولا حسن الإضافة فيه بغير لام لكان النصب فيه أحسن وأفصح، كما أن النصب في قولهم: "تعسا لزيد وبعدا له وسحقا" أحسن، إذ كانت الإضافة فيه بغير لام لا تحسن.
[6964]:قال في "فتح القدير": ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس رضي الله عنه ... وساق الحديث. والأحاديث متواترة في أن (طوبى) شجرة في الجنة، لكن بعض الروايات تريد أخبارا قال عنها ابن عطية: "إنها مما لا يثبت سندها". وقوله تعالى: {وظل ممدود} هو الآية (30) من سورة (الواقعة).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ طُوبَىٰ لَهُمۡ وَحُسۡنُ مَـَٔابٖ} (29)

طوبى : مصدر من طاب طيباً إذا حسن ، وهي بوزن البُشرى والزلفى ، قلبت ياؤها واواً لمناسبة الضمة ، أي لهم الخير الكامل لأنهم اطمأنت قلوبهم بالذكر ، فهم في طيب حال : في الدنيا بالاطمئنان ، وفي الآخرة بالنعيم الدائم وهو حسن المئاب وهو مرجعهم في آخر أمرهم .

وإطلاق المآب عليه باعتبار أنه آخرُ أمرهم وقرارهم كما أن قرار المرء بيته يرجع إليه بعد الانتشار منه . على أنه يناسب ما تقرر أن الأرواح من أمر الله ، أي من عالم الملكوت وهو عالم الخلد فمصيرها إلى الخلد رجوع إلى عالمها الأول . وهذا مقابل قوله في المشركين { ولهم سوء الدار } .

واللام في قوله : { لهم } للملك .