التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ تَوَلَّيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۖ فَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَكُنتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (64)

وقوله تعالى : { ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذلك } بيان لنقضهم وإعراضهم عن العمل بالميثاق الذي أخذ عليهم ، ونبذوه خلف ظهورهم .

والمشار إليه بقوله تعالى : { ذلك } أخذ الميثاق عليهم ، وقبول ما أوتوه من الكتاب ، والمعنى : ثم أعرضتم وانصرفتم عن طاعتي بعد أخذ الميثاق عليكم ، ومشاهدتكم للآيات التي تستكين لها القلوب ؛ لأن قلوبكم كالحجارة أو أشد قسوة .

وقوله تعالى : { فَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُم مِّنَ الخاسرين } تصريح بما حباهم به - سبحانه - من رأفة بهم ، وقبول لتوبتهم ، وعفو عن خطيئاتهم ، فكأنه - سبحانه - يقول لهم : إنكم بإعراضكم عن طاعتي ، ونقضكم لعهدي ، وإهمالكم العمل بكتابي ، وعدم تأثركم بآياتي ونذري ، قد استحققتم غضبي وعذابي ، ولكن حال دون حلولهما بكم . فضلى الذي تدارككم ورحمتي التي وسعتكم ، ولطفي وإمهالي لكم ، ولولا ذلك لكنتم من الخاسرين في دنياكم وآخرتكم ، بسبب ما أجترحتم من نقض ميثاقكم .

/خ64

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ تَوَلَّيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۖ فَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَكُنتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (64)

{ ثم توليتم من بعد ذلك } أعرضتم عن الوفاء بالميثاق بعد أخذه . { فلولا فضل الله عليكم ورحمته } بتوفيقكم للتوبة ، أو بمحمد صلى الله عليه وسلم يدعوكم إلى الحق ويهديكم إليه . { لكنتم من الخاسرين } المغبونين بالانهماك في المعاصي ، أو بالخبط والضلال في فترة من الرسل . ولو في الأصل لامتناع الشيء لامتناع غيره ، فإذا دخل على لا أفاد إثباتا وهو امتناع الشيء لثبوت غيره ، والاسم الواقع بعده عند سيبويه مبتدأ خبره واجب الحذف لدلالة الكلام عليه وسد الجواب مسده ، وعند الكوفيين فاعل فعل محذوف .