التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَصۡبَحَ مَآؤُكُمۡ غَوۡرٗا فَمَن يَأۡتِيكُم بِمَآءٖ مَّعِينِۭ} (30)

ثم أمر - سبحانه - صلى الله عليه وسلم للمرة السادسة ، أن يذكرهم بنعمة الماء الذي يشربونه فقال : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ } .

وقوله { غَوْراً } مصدر غارَت البئر ، إذا نضب ماؤها وجف . يقال : غار الماء يغورُ غورا ، إذا ذهب وزال . .

والمعين : هو الماء الظاهر الذي تراه العيون ، ويسهل الحصول عليه ، وهو فعيل من معن إذا قرب وظهر .

أي : وقل لهم - أيها الرسول الكريم - على سبيل التوبيخ وإلزام الحجة : أخبروني إن أصبح ماؤكم غائرا في الأرض ، بحيث لا يبقى له وجود أصلا . فمن يستطيع أن يأتيكم بماء ظاهر على وجه الأرض ، تراه عيونكم ، وتستعملونه في شؤونكم ومنافعكم .

إنه لا أحد يستطيع ذلك إلا الله - تعالى - وحده ، فعليكم أن تشكروه على نعمه ، لكي يزيدكم منها .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَصۡبَحَ مَآؤُكُمۡ غَوۡرٗا فَمَن يَأۡتِيكُم بِمَآءٖ مَّعِينِۭ} (30)

ثم قال : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا } أي : ذاهبا في الأرض إلى أسفل ، فلا يُنَال بالفئوس الحداد ، ولا السواعد الشداد ، والغائر : عكس النابع ؛ ولهذا قال : { فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ } أي : نابع سائح جار على وجه الأرض ، لا يقدر على ذلك إلا الله ، عز وجل ، فمن فضله وكرمه [ أن ]{[29121]} أنبع لكم المياه وأجراها في سائر أقطار الأرض ، بحسب ما يحتاج العباد إليه من القلة والكثرة ، فلله الحمد والمنة .

[ آخر تفسير سورة " تبارك " ولله الحمد ]{[29122]}


[29121]:- (1) زيادة من أ.
[29122]:- (2) زيادة من م، وفي أ: "آخر تفسير سورة الملك ولله الحمد والثناء الحسن الجميل".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَصۡبَحَ مَآؤُكُمۡ غَوۡرٗا فَمَن يَأۡتِيكُم بِمَآءٖ مَّعِينِۭ} (30)

ثم وقفهم تعالى على مياههم التي يعيشون منها إن غادرت أي ذهبت في الأرض ، ومن يجيئهم بماء كثير واف ، والغور : مصدر يوصف به على معنى المبالغة ، ومنه قول الأعرابي : وغادرت التراب مورا والماء غورا .

والمعين : فعيل من معن الماء إذا كثر ، أو مفعول من العين ، أي جار كالعين ، أصله معيون ، وقيل هو من العين ، لكن من حيث يرى بعين الإنسان ، لا من حيث يشبه بالعين الجارية ، وقال ابن عباس : { معين } عذب ، وعنه في كتاب الثعلبي : { معين } جار ، وفي كتاب النقاش : { معين } ظاهر ، وقال بعض المفسرين وابن الكلبي : أشير في هذا الماء إلى بئر زمزم ، وبئر ميمون ، ويشبه أن تكون هاتان عظم ماء مكة ، وإلا فكانت فيها بئار كثيرة ، كخم والجفر وغيرهما . والله المستعان .