اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَصۡبَحَ مَآؤُكُمۡ غَوۡرٗا فَمَن يَأۡتِيكُم بِمَآءٖ مَّعِينِۭ} (30)

قوله : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ } يا معشر قريش { إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً } أي : غائراً ذاهباً في الأرض لا تناله الدلاء ، و «غَوْراً » خبر «أصْبَحَ » ، وجوز أبو البقاء : أن يكون حالاً على تمام «أصْبَحَ » ، لكنه استبعده{[57479]} .

وحكى أنه قرئ{[57480]} : «غُؤُوراً » - بضم الغين ، وهمزة مضمومة ، ثم واو ساكنة - على «فعول » وجعل الهمزة منقلبة عن واو مضمومة .

فصل في المراد بالماء :

كان ماؤهم من بئرين : بئر زمزم وبئر ميمون { فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَّعِينٍ } أي : جارٍ ، قاله قتادة والضحاك{[57481]} .

فلا بد لهم أن يقولوا : لا يأتينا به إلا الله تعالى ، فقل لهم : فلم تشركون به من لا يقدر على أن يأتيكم به .

يقال : غار الماء يغور غوراً : نضب ، والغور : الغائر ، وصف بالمصدر للمبالغة كما تقول : رجلٌ عدلٌ ، ورضى . كما تقدم في سورة الكهف .

قال ابن عباسٍ : «بِماءٍ مَعينٍ » أي : ظاهر تراه العيون{[57482]} ، فهو مفعول .

وقيل : هو من معن الماءُ ، أي : كثر ، فهو على هذا «فَعِيل » .

وعن ابن عباس أيضاً : «فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ عذبٍ »{[57483]} .

ختام السورة:

روى أبو هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إنَّ سُورةً مِنْ كتابِ اللَّهِ ما هِيَ إلاَّ ثلاثُون آيَةً شَفَعتْ لرَجُلٍ فأخْرجتْهُ يَوْمَ القيامةِ مِن النَّارِ وأدْخلتْهُ الجَنَّةَ هِيَ سُورةُ تبَارَكَ »{[1]} .

وعن عبد الله بن مسعود قال : إذا وضع الميت في قبره يؤت من قبل رجليه فيقال : ليس لكم عليه سبيل لأنه قد كان يقوم بي سورة «المُلْك » ثم يؤتى من قبل رأسه فيقول لسانه : ليس لكم عليه سبيل كان يقرأ بي سورة «المُلك » ، ثم قال : هي المانعة من عذاب الله وهي في التوراة سورة الملك ، من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطنب{[2]} .

وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ودِدْتُ أنَّ { تَبَارَكَ الذي بِيَدِهِ الملك } في قلبِ كُلِّ مُؤمِنٍ »{[3]} .


[1]:في النسختين تقدم. وندم تصحيح من الرازي. وانظر تصحيح ذلك وغيره في تفسير الإمام 28/117.
[2]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/605) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
[3]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/612، 613) عن ابن عباس وأبي عبد الرحمن السلمي والضحاك. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (/605) عن أبي عبد الرحمن السلمي وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
[57479]:ينظر الإملاء 2/266.
[57480]:ينظر الدر المصون 6/348.
[57481]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/174) عن قتادة والضحاك وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/386) عن قتادة. وعزاه إلى عبد بن حميد.
[57482]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/386) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
[57483]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/174) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/386) وعزاه إلى عبد بن حميد.