فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَصۡبَحَ مَآؤُكُمۡ غَوۡرٗا فَمَن يَأۡتِيكُم بِمَآءٖ مَّعِينِۭ} (30)

ثم احتج سبحانه عليهم ببعض نعمه ، وخوّفهم سلب تلك النعمة عنهم فقال : { قل أرأيتم } أي أخبروني { إن أصبح ماؤكم } الذي تعدونه في أيديكم ، كما نبهت عليه الإضافة { غورا } أي غائرا في الأرض ، بحيث لا يبقى له وجود فيها ، أو صار ذاهبا إلى مكان بعيد بحيث لا تناله الدلاء ، يقال غار الماء غورا أي نضب ، والغور الغائر ، وصف بالمصدر للمبالغة ، كما يقال رجل عدل ، وقد تقدم مثل هذا في سورة الكهف . وكان ماؤهم من بئر زمزم وبئر ميمون ؛ قال ابن عباس غورا داخلا في الأرض ، وعنه يرجع في الأرض .

{ فمن يأتيكم بماء معين } أي ظاهر تراه العيون وتناله الدلاء ، وقيل هو من معن الماء إذا كثر ، وقال قتادة والضحاك أي جار ، وقد تقدم معنى المعين في سورة المؤمنون ، وقرأ ابن عباس بماء عذب . وعنه قال بماء معين أي الجاري ، وعنه قال معين ظاهر ، وعنه قال عذب .

والمقصود من الآية أن يجعلهم مقرين ببعض نعمه عليهم ، ويريهم قبح ما هم عليه من الكفر والعناد والكبر ، قال المحلي : ويستحب أن يقول القارئ عقب معين : " الله رب العالمين " كما ورد في الحديث ، وتليت هذه الآية عند بعض المتجبرين فقال : تأتي به الفؤوس والمعاول ، فذهب ماء عينه وعمي ، ونعوذ بالله من الجرأة على الله وعلى آياته .