التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن طِينٖ} (12)

وبعد الحديث عن صفات المؤمنين المفلحين ، انتقلت السورة إلى الحديث عن أطوار خلق الإنسان ، وأطوار نموه ، ونهاية حياته ، وبعثه للحساب يوم القيامة ، - فقال - تعالى - : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا . . . } .

المراد بالإنسان هنا : آدم - عليه السلام - .

والسلالة : اسم لما سُلَّ من الشىء واستُخرج منه . تقول : سللت الشعرة من العجين ، إذا استخرجتها منه . يقال : الولد سلالة أبيه . أى كأنه انسل من ظهر أبيه .

والمعنى : ولقد خلقنا أباكم آدم من جزء مستخرج من الطين .

والتعبير بسلالة يشعر بالقلة ، إذ لفظ الفعالة يدل على ذلك ، كقلامة الظفر ، ونحاتة الحجر ، وهى ما يتساقط عند النحت .

و " من " فى الموضعين : ابتدائية إلا أن الأولى متعلقة " بخلقنا " والثانية متعلقة بسلالة بمعنى مسلولة من الطين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن طِينٖ} (12)

يقول تعالى مخبرًا عن ابتداء خلق الإنسان من سلالة من طين ، وهو آدم ، عليه السلام ، خلقه الله من صلصال من حمأ مسنون .

وقال الأعمش ، عن المِنْهال بن عمرو ، عن أبي يحيى ، عن ابن عباس : { مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ } قال : صَفوةُ الماء .

وقال مجاهد : { مِنْ سُلالَةٍ } أي : من منيّ آدم .

قال ابن جرير : وإنما سمي آدم طينًا لأنه مخلوق منه .

وقال قتادة : استُلّ آدمُ من الطين . وهذا أظهر في المعنى ، وأقرب إلى السياق ، فإن آدم ، عليه السلام ، خلق من طين لازب ، وهو الصلصال من الحمأ المسنون ، وذلك مخلوق من التراب ، كما قال تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ } [ الروم : 20 ] .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا عَوْف ، حدثنا قَسَامة بن زُهَيْر ، عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قَدْر الأرض ، جاء منهم الأحمر والأسود والأبيض ، وبين ذلك ، والخبيث والطيب ، وبين ذلك " .

وقد رواه أبو داود والترمذي ، من طرق ، عن عوف الأعرابي ، به نحوه{[20487]} . وقال الترمذي : حسن صحيح .


[20487]:- المسند (4/400) وسنن أبي داود برقم (4693) وسنن الترمذي برقم (2955).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن طِينٖ} (12)

{ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة } من خلاصة سلت من بين الكدر . { من طين } متعلق بمحذوف لأنه صفة ل{ سلالة } أو من بيانية أو بمعنى { سلالة } لأنها في معنى مسلولة فتكون ابتدائية كالأولى ، والإنسان آدم عليه الصلاة والسلام خلق من صفوة سلت من الطين ، أو الجنس فإنهم خلقوا من سلالات جعلت نطفا بعد أدوار . وقيل المراد بالطين آدم لأنه خلق منه والسلالة نطفته .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن طِينٖ} (12)

هذا ابتداء كلام والواو في أوله عاطفة جملة الكلام على جملة وإن تباينت في المعاني ، واختلف المفسرون في قوله { الإنسان } فقال قتادة وغيره : أراد آدم عليه السلام لأنه استل من الطين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن طِينٖ} (12)

الواو عاطفة غرضاً على غرض ويسمى عطف القصّة على القصّة ، فللجملة حكم الاستيناف لأنها عطف على جملة { قد أفلح المؤمنون } [ المؤمنون : 1 ] التي هي ابتدائية وهذا شروع في الاستدلال على انفراد الله تعالى بالخلق وبعظيم القدرة التي لا يشاركه فيها غيره ، وعلى أن الإنسان مربوب لله تعالى وحده ، والاعتبار بما في خلق الإنسان وغيره من دلائل القدرة ومن عظيم النعمة . فالمقصود منه إبطال الشرك لأن ذلك الأصل الأصيل في ضلال المعرضين عن الدعوة المحمدية ، ويتضمن ذلك امتناناً على الناس بأنه أخرجهم من مهانة العدم إلى شرف الوجود وذلك كله ليَظهر الفرق بين فريق المؤمنين الذين جَروا في إيمانهم على ما يليق بالاعتراف بذلك وبين فريق المشركين الذين سلكوا طريقاً غير بينة فحادوا عن مقتضى الشكر بالشرككِ .

وتأكيد الخبر بلام القسم وحرف التحقيق مراعًى فيه التعريض بالمشركين المنزّلين منزلة من ينكر هذا الخبر لعدم جريهم على موجب العلم .

والخَلق : الإنشاء والصنع ، وقد تقدم في قوله : { قال كذلك الله يخلق ما يشاء } في آل عمران ( 47 ) . والمراد بالإنسان يجوز أن يكون النوعَ الإنساني ، وفسر به ابن عباس ومجاهد ، فالتعريف للجنس .