النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن طِينٖ} (12)

قوله : { وَلَقَدْ خَلَقنَا الإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } فيه قولان :

أحدهما : آدم استل من طين ، وهذا قول قتادة ، وقيل : لأنه اسْتُلَ من قِبَل ربه .

والثاني : أن المعنيّ به كل إنسان لأنه يرجع إلى آدم الذي خلق من سلالة من طين ، قاله ابن عباس ومجاهد ، وقيل : لأنه استل من نطفة أبيه . والسلالة من كل شيء صفوته التي تستل منه ، قال الشاعر{[2037]} :

وما هند إلا مهرة عربية *** سليلة أفراسٍ تجلّلها بغل

وقال الزجاج : السلالة القليل مما ينسل وقد تُسَمَّى المضغة سلالة والولد سلالة إما لأنهما صفوتان على الوجه الأول وإما لأنهما ينسلان على الوجه الثاني . وحكى الكلبي : أن السلالة الطين الذي إذا اعتصرته بين أصابعك خرج منه شيء ، ومنه قول الشاعر{[2038]} :

طوت أحشاء مرتجةٍ لوقت *** على مشج سلالته مهينُ

وحكى أبان بن تغلب أن السلالة هي التراب واستشهد بقول أمية بن أبي الصلت .

خلق البرية من سلالة منتن *** وإلى السلالة كلها ستعود


[2037]:هذا البيت لهند بنت النعمان كما ورد في اللسان.
[2038]:هو الشماخ بن ضرار كما في اللسان