وقوله - تعالى - { وَمَا يَسْتَوِي الأعمى والبصير والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَلاَ المسيء . . . } نفى لعدم المساواة بين الأخيار والأشرار . والمتقين والفجار . .
أى : كما أنه لا يصح فى عرف أى عاقل المساواة بين الأعمى والبصير . كذلك لا تصح المساواة بين المؤمنين الذين قدموا فى دنياهم العمل الصالح ، وبين الكافرين والفاسقين الذين لطخوا حياتهم بالعمل السيئ ، والفعل القبيح . .
ولفظ " قليلا " فى قوله - تعالى - { قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ } مفعول مطلق ، وهو صفة لموصوف محذوف ، و " ما " مزيدة للتأكيد . أى . تذكرا قليلا تتذكرون .
ثم قال : { وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ } أي كما لا يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئا ، والبصير الذي يرى ما انتهى إليه بصره ، بل بينهما فرق عظيم ، كذلك لا يستوي المؤمنون الأبرار والكفرة الفجار ، { قَلِيلا مَا تَتَذَكَّرُونَ } أي : ما أقل ما يتذكر كثير من الناس .
{ وما يستوي الأعمى والبصير } الغافل والمستبصر . { والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء } والمحسن والمسيء فينبغي أن يكون لهم حال يظهر فيها التفاوت ، وهي فيما بعد البعث وزيادة لا في المسيء لأن المقصود نفي مساواته للمحسن فيما له من الفضل والكرامة ، والعاطف الثاني عطف الموصول بما عطف عليه على { الأعمى والبصير } لتغاير الوصفين في المقصود ، أو الدلالة بالصراحة والتمثيل . { قليلا ما تتذكرون } أي تذكرا ما قليلا يتذكرون ، والضمير للناس أو الكفار . وقرأ الكوفيون بالتاء على تغليب المخاطب ، أو الالتفات أو أمر الرسول بالمخاطبة .
قوله تعالى : { لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس } توبيخ لهؤلاء الكفرة المتكبرين ، كأنه قال : مخلوقات الله أكبر وأجل قدراً من خلق البشر ، فما لأحد منهم يتكبر على خالقه ، ويحتمل أن يكون الكلام في معنى البعث والإعادة ، فأعلم أن الذي خلق السماوات والأرض قوي قادر على خلق الناس تارة أخرى . والخلق على هذا التأويل مصدر مضاف إلى المفعول . وقال النقاش : المعنى مما يخلق الناس ، إذ هم في الحقيقة لا يخلقون شيئاً ، فالخلق في قوله : { من خلق الناس } مضاف إلى الفاعل على هذا التأويل .
وقوله : { ولكن أكثر الناس } يقتضي أن الأقل منهم يعلم ذلك ، ولذلك مثل الأكثر الجاهل : ب { الأعمى } ، والأقل العالم : ب { البصير } ، وجعل : { الذين آمنوا وعملوا الصالحات } يعادلهم قوله : { ولا المسيء } وهو اسم جنس يعم المسيئين ، وأخبر تعالى أن هؤلاء لا يستوون ، فكذلك الأكثر الجهلاء من الناس لا يستوون مع الأقل الذين يعلمون .
وقرأ أكثر القراء والأعرج وأبو جعفر وشيبة والحسن : «يتذكرون » بالياء على الكناية عن الغائب . وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وقتادة وطلحة وعيسى وأبو عبد الرحمن : «تتذكرون » بالتاء من فوق على المخاطبة . والمعنى : قل لهم يا محمد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.