التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَلَا ٱلۡمُسِيٓءُۚ قَلِيلٗا مَّا تَتَذَكَّرُونَ} (58)

قوله : { وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ } لا يستوي من كان غافلا عن جلال الله وعظيم قدره وعن حقيقة البعث والمعاد ، ومن هو مؤمن بأن الله حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها ؛ فهو ذو بصيرة يدرك بها الحق والصواب . وبذلك شَبَّهَ المؤمن المستيقن المتذكر بالبصير الذي يمشي مهتديا لا يضل ولا يتعثر .

قوله : { وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ولاَ الْمُسِيءُ } لا : زائدة للتوكيد ؛ لأنه لما طال الكلام بالصلة أعاد معه { وَلاَ } توكيدا{[4028]} والمعنى : أن المؤمنين الذين يعملون الصالحات محسنون ، وخلافهم الكافرون الفجار وهم مسيئون ، ولا يستوي الفريقان { قَلِيلاً مَا تَتَذَكَّرُونَ } { قليلا } صفة لمصدر محذوف ؛ أي تذكُّرًا قليلا تتذكرون . و { مَّا } صلة زائدة . وذلك هو دأب الإنسان في طول غفلت وكثرة إعراضه عن الحق وسرعة إقباله على الشهوات ومتاع الدنيا .


[4028]:الدر المصون ج 9 ص 492