التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامٗا وَأَجَلٞ مُّسَمّٗى} (129)

ثم بين - سبحانه - بعض مظاهر فضله على هؤلاء المشركين الذين أرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - لإنقاذهم من الكفر والضلالة فقال - تعالى - : { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } .

والمراد بالكلمة السابقة ، ما تفضل الله - تعالى - به من تأخير عذاب الاستئصال عن هذه الأمة التى بعث فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - تكريما له كما قال - تعالى - { وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ . . } أو لأن من نسلهم من يؤمن بالله حق الإيمان ، أو لحكم أخرى يعلمها - سبحانه - ولزاما : مصدر بمعنى اسم الفاعل ، وفعله لازم كقاتل .

وقوله : { وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } معطوف على { كَلِمَةٌ } .

والمعنى : ولولا الوعد السابق منا بتأخير العذاب عن هؤلاء المشركين إلى يوم القيامة . ولولا الأجل المسمى المحدد فى علمنا لانتهاء أعمارهم ، لما تأخر عذابهم أصلا ، بل لكان العذاب لازما لهم فى الدنيا ، ونازلا بهم كما نزل بالسابقين من أمثالهم فى الكفر والضلال .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامٗا وَأَجَلٞ مُّسَمّٗى} (129)

قال تعالى : { وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى } أي : لولا الكلمة السابقة من الله وهو أنه{[19552]} لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه ، والأجل المسمى الذي ضربه الله تعالى لهؤلاء المكذبين إلى مدة معينة لجاءهم العذاب بغتة ؛

129


[19552]:في ف: "أن".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامٗا وَأَجَلٞ مُّسَمّٗى} (129)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رّبّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مّسَمّى * فَاصْبِرْ عَلَىَ مَا يَقُولُونَ وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ الْلّيْلِ فَسَبّحْ وَأَطْرَافَ النّهَارِ لَعَلّكَ تَرْضَىَ } .

يقول تعالى ذكره : " وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبّكَ " يا محمد أن كلّ من قضى له أجلاً فإنه لا يخترمه قبل بلوغه أجله وأجلٌ مسمّى يقول : ووقت مسمى عند ربك سماه لهم في أمّ الكتاب وخطه فيه ، هم بالغوه ومستوفوه لَكانَ لِزَاما يقول : للازمهم الهلاك عاجلاً ، وهو مصدر من قول القائل : لازم فلان فلانا يلازمه ملازمة ولزاما : إذا لم يفارقه ، وقدّم قوله : لَكانَ لِزَاما قبل قوله أجَلٌ مُسَمّى ومعنى الكلام : ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان لزاما ، فاصبر على ما يقولون . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : " وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبّكَ لَكانَ لِزَاما وأجَلٌ مُسَمّى " الأجل المسمى : الدنيا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبّكَ لَكانَ لِزَاما وأجَلٌ مُسَمّى " وهذه من مقاديم الكلام ، يقول : لولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى كان لزاما ، والأجل المسمى ، الساعة ، لأن الله تعالى يقول بَلِ السّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ ، والسّاعَةُ أدْهَى وأمَرّ .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبّكَ لَكانَ لِزَاما وأجَلٌ مُسَمّى " قال : هذا مقدّم ومؤخر ، ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان لزاما .

واختلف أهل التأويل في معنى قوله : لَكانَ لِزَاما فقال بعضهم : معناه : لكان موتا . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ قال : ثني أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : لَكانَ لِزَاما يقول : موتا .

وقال آخرون : معناه لكان قتلاً . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد لَكانَ لِزَاما واللزام : القتل .