التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ} (5)

ثم وجه - سبحانه - نداء ثانيا إلى الناس . بين لهم فيه أن البعث حق ، وأن من الواجب عليهم أن يستعدوا لاستقبال هذا اليوم بالإِيمان والعمل الصالح فقال - تعالى - { ياأيها الناس إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ . . . } .

أى : إنما وعدكم الله - تعالى - به من البعث والحساب والثواب والعقاب ، حق لا ريب فيه ، وما دام الأمر كذلك ، { فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحياة الدنيا } أى : فلا تخدعنكم بمتعها ، وشهواتها ، ولذائذها ، فإنها إلى زوال وفناء ، ولا تشغلنكم هذه الحياة الدنيا من أدءا ما كلفكم - سبحانه - بأدائه من فرائض وتكاليف .

{ وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بالله الغرور } أى : ولا يخدعنكم عن طاعة ربكم ، ومالك أمركم { الغرور } .

أى : الشيطان المبالغ فى خداعكم ، وفى صرفكم عن كل ما هو خير وبر .

فالمراد بالغرور هنا : الشيطان الذى أقسم بالأيمان المغلظة ، بأنه لن يكف عن إغواء بنى آدم ، وعن تزيين الشرور والآثام لهم .

فالمقصود بالآية الكريمة تذكير الناس بيوم القيامة وما فيه من أهوال . وتحذيرهم من اتباع خطوات الشياطن ، فإن لا يأمر إلا بالفحشاء والمنكر .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ} (5)

ثم قال : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } أي : المعاد كائن لا محالة ، { فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا } أي : العيشة الدنيئة{[24451]} بالنسبة إلى ما أعد{[24452]} الله لأوليائه وأتباع رسله من الخير العظيم فلا تَتَلَهَّوا{[24453]} عن ذلك{[24454]} الباقي بهذه الزهرة الفانية ، { وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ } وهو الشيطان . قاله ابن عباس . أي : لا يفتننكم الشيطان ويصرفنكم عن اتباع رسل الله وتصديق كلماته فإنه غرَّار كذاب أفاك . وهذه الآية كالآية التي في آخر لقمان : { فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ } [ لقمان : 33 ] . قال مالك ، عن زيد بن أسلم : هو الشيطان . كما قال : يقول المؤمنون للمنافقين يوم القيامة حين يضرب { بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ } [ الحديد : 13 ، 14 ] .


[24451]:- في أ : "المعيشة الدنية".
[24452]:- في ت : "ما وعد".
[24453]:- في أ : "فلا يلتهوا".
[24454]:- في س : "ذاك".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ} (5)

وقوله : يا أيها النّاسُ إنّ وَعْدَ اللّهِ حَقّ يقول تعالى ذكره لمشركي قريش ، المكذّبي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس إن وعد الله إياكم بأسه على إصراركم على الكفر به ، وتكذيب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وتحذيركم ، وتحذيركم نزول سطوته بكم على ذلك حقّ ، فأيقنوا بذلك ، وبادروا حلول عقوبتكم بالتوبة والإنابة إلى طاعة الله والإيمان به وبرسوله فَلا تَغُرّنّكُمْ الحَياةُ الدّنْيا يقول : فلا يغرّنكم ما أنتم فيه من العيش في هذه الدنيا ورياستكم التي تترأسون بها في ضعفائكم فيها عن اتباع محمد والإيمان وَلا يَغُرّنّكُمْ باللّهِ الغَرُورُ يقول : ولا يخدعنكم بالله الشيطان ، فيمنيكم الأمانيّ ، ويعدكم من الله العدات الكاذبة ، ويحملكم على الإصرار على كفركم بالله ، كما :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : وَلا يَغُرّنّكُمْ باللّهِ الغَرُورُ يقول : الشيطان .