التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞لَهُمۡ دَارُ ٱلسَّلَٰمِ عِندَ رَبِّهِمۡۖ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (127)

ثم بين - سبحانه - ما أعده للمتذكرين فقال : { لَهُمْ دَارُ . . . } .

أى : أن هؤلاء المتذكرين المتقين لهم جنة عرضها السموات والأرض فى جوار ربهم وكفالته ، وهو - سبحانه - { وَلِيُّهُمْ } أى : متولى إيصال الخير إليهم ، أو محبهم أو ناصرهم بسبب أعمالهم الصالحة . وسميت الجنة بدار السلام ، لأن جميع حالاتها مقرونة بالسالمة من جميع المكاره .

قال الجمل : وقوله { عِندَ رَبِّهِمْ } فى المراد بهذه العندية وجوه :

أحدها : أنها معدة عنده كما تكون الحقوق معدة مهيأة حاضرة كقوله { جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ } وثانيها : أن هذه العندية تشعر بأن هذا الأمر المدخر موصوف بالقرب من الله بالشرف والرتبة لا بالمكان والجهة لتنزهه - تعالى - عنهما .

وثالثهما : هى كقوله - تعالى - فى صفة الملائكة { وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ } وقوله : أنا عند المنكسر قلوبهم وأنا عند ظن عبدى بى " .

ثم بين - سبحانه - جانبا من أحوال الظالمين يوم القيامة عند ما يقفون أمام ربهم للحساب فقال : { وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَامَعْشَرَ الجن قَدِ استكثرتم مِّنَ الإنس وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإنس } .

ففى هذه الآيات عرض مؤثر زاخر بالحوار والاعتراف والمناقشة والحكم تحكيه السورة الكريمة وهى تصور مشاهد المجرمين يوم القيامة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞لَهُمۡ دَارُ ٱلسَّلَٰمِ عِندَ رَبِّهِمۡۖ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (127)

{ لَهُمْ دَارُ السَّلامِ } وهي : الجنة ، { عِنْدَ رَبِّهِمْ } أي : يوم القيامة . وإنما وصف الله الجنة هاهنا بدار السلام لسلامتهم فيما سلكوه من الصراط المستقيم ، المقتفي أثر الأنبياء وطرائقهم ، فكما سلموا من آفات الاعوجاج أفْضَوا إلى دار السلام .

{ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ } أي : والسلام - وهو الله - وليهم ، أي : حافظهم وناصرهم ومؤيدهم ، { بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } أي : جزاء [ على ]{[11213]} أعمالهم الصالحة تولاهم وأثابهم الجنة ، بمنّه وكرمه .


[11213]:زيادة من م، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞لَهُمۡ دَارُ ٱلسَّلَٰمِ عِندَ رَبِّهِمۡۖ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (127)

القول في تأويل قوله تعالى : { لَهُمْ دَارُ السّلاَمِ عِندَ رَبّهِمْ وَهُوَ وَلِيّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .

يعني تعالى ذكره بقوله لهم للقوم الذين يذكرون آيات الله فيعتبرون بها ويوقنون بدلالتها على ما دلت عليه من توحيد الله ، ومن نبوّة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وغير ذلك ، فيصدّقون بما وصلوا بها إلى علمه من ذلك . وأما دار السلام ، فهي دار الله التي أعدّها لأوليائه في الاَخرة جزاء لهم على ما أبلوا في الدنيا في ذات الله وهي جنته . والسلام : اسم من أسماء الله تعالى ، كما قال السديّ .

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : لَهُمْ دَارُ السّلامِ عِنْدَ رَبّهِمْ الله هو السلام ، والدار : الجنة .

وأما قوله : وَهُوَ وَلِيّهُمْ فإنه يقول : والله ناصر هؤلاء القوم الذين يذكرون آيات الله . بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ يعني جزاء بما كانوا يعملون من طاعته الله ، ويتبعون رضوانه .