لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{۞لَهُمۡ دَارُ ٱلسَّلَٰمِ عِندَ رَبِّهِمۡۖ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (127)

{ لهم دار السلام عند ربهم } يعني الجنة في قول جميع المفسرين . قال الحسن والسدي : السلام هو الله تعالى وداره الجنة . معنى السلام في أسماء الله تعالى ذو السلام وهو جمع سلامة لأنه تعالى ذو السلامة من جميع الآفات والنقائص فعلى هذا القول أضيفت الدار إلى السلام الذي هو اسم الله تعالى إضافة تشريف وتعظيم كما قيل للكعبة بيت الله وللنبي صلى الله عليه وسلم عبد الله في قوله { وأنه لما قام عبد الله يدعوه } واحتج لصحة هذا بأن في إضافة الدار إلى الله تعالى نهاية تشريفها وتعظيمها فكان ذكر الإضافة مبالغة في تعظيم أمرها . وقيل إن السلام صفة للدار لأنها دار السلامة الدائمة التي لا تنقطع فعلى هذا يكون السلام بمعنى السلامة كأنه قال دار السلامة التي لا يلقون فيها شيئاً يكرهونه . وقيل سميت بذلك لأن جميع حالاتها مقرونة بالسلامة كما قال تعالى في وصفها { ادخلوها بسلام آمنين والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم } وقال { تحيتهم فيها سلام } وقال { سلام قولاً من رب رحيم } { لا يسمعون فيها لغواً إلا سلاماً } وقوله { عند ربهم } يعني أن الجنة معدة مهيأة لهم عند ربهم حتى يوصلهم إليها { وهو وليهم بما كانوا يعملون } يعني أنه تعلى يتولى أمرهم وإيصال المنافع إليهم ويدفع المضار عنهم . وقيل معناه أنه يتولاهم في الدنيا بالتوفيق والهداية وفي الآخرة بالجزاء والجنة . وقيل : الولي هو الناصر والقريب يعني أنه تعالى ينصرهم في الدنيا ويقربهم في الآخرة بسبب أعمالهم الصالحة التي كانوا يتقربون بها إليه في الدنيا .