الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{۞لَهُمۡ دَارُ ٱلسَّلَٰمِ عِندَ رَبِّهِمۡۖ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (127)

{ لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ } يعني الجنة في الآخرة .

قال أكثر المفسرين : السلام هو اللّه عز وجل وداره الجنة . وقيل : سميت الجنة دار السلام لسلامتها من الآفات والعاهات .

وقيل : لأن من دخلها سلم من البلايا والرزايا أجمع .

وقيل : لأنها سلمت من دخول أعداء اللّه كيلا ينتغص أولياء الله فيها كما يُنغّص مجاورتهم في الدنيا .

وقيل : سميت بذلك لأن كل حالة من حالات أهلها مقرونة بالسلام فاما ابتداء دخولها فقوله { لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ } وبعد ذلك قوله

{ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ }

الآية [ الرعد : 23 ] . وبعده قوله

{ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } [ يونس : 10 ] وبعده قوله

{ لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً } [ مريم : 62 ] وقوله

{ لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً * إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } [ الواقعة : 25-26 ] وبعده قوله

{ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ } [ الأحزاب : 44 ] وبعد ذلك

{ سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } [ يس : 58 ] . فلما كان حالات أهل الجنة مقرونة بالسلام إما من الخلق وإما من الحق سمّاها اللّه دار السلام { وَهُوَ وَلِيُّهُمْ } ناصرهم ومعينهم { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .

قال الحسن بن الفضل : يعني يتولاهم في الدنيا بالتوفيق وفي الآخرة بالجزاء .