جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{۞لَهُمۡ دَارُ ٱلسَّلَٰمِ عِندَ رَبِّهِمۡۖ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (127)

{ لهم دار السلام } : الجنة ؛ لأن فيه سلامة عن الآفات أو السلام من أسماء الله ، { عند ربهم } : في ضمانه أو يوم القيامة ، { وهو وليّهم } : ناصرهم ، { بما كانوا يعملون{[1524]} } : بسبب أعمالهم .


[1524]:اعلم أنه تعالى لما بين عظيم نعمه في الصراط المستقيم وبين تعالى أنه معد مهيئ لمن يكون من المذكورين بين الفائدة الشريفة التي تحصل من التمسك بذلك الصراط المستقيم فقال: (لهم دار السلام عند ربهم)، وفي هذه الآية تشريفات النوع الأول. قوله: (لهم دار السلام)، وهذا يوجب الحصر فمعناه لهم دار السلام لا لغيرهم. النوع الثاني قوله: (عند ربهم) يشعر بأن ذلك الأمر المدخر موصوف بالقرب من الله تعالى. النوع الثالث: من التشريفات المذكورة في هذه الآية قوله: (وهو وليهم): والولي معناه القريب فقوله: (عند ربهم) يدل على قربهم من الله، وقوله (وهو وليهم) يدل على قرب الله منهم، ولا نرى في العقل درجة للعبد أعلى من هذه الدرجة، وأيضا فقوله: (وهو وليم): يفيد الحصر، أي: لا ولي لهم إلا هو، وكيف هذا التشريف إنما حصل على التوحيد المذكور في قوله: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا) فهؤلاء الأقوام قد عرفوا من هذه الآية أن المقدر والمدبر ليس إلا هو وأن المسعد والمشقى ليس إلا هو وأنه لا مبدئ الكائنات والممكنات إلا هو فلما عرفوا هذا انقطعوا عن كل ما سواه فما كان رجوعهم إلا إليه، وما كان توكلهم إلا عليه، وما كان أنسهم إلا به وما كان خضوعهم إلا له، فلما صاروا بالكلية له لا جرم قال تعالى: (وهو وليهم) وهذا إخبار بأنه تعالى متكفل بجميع مصالحهم في الدين، والدنيا ويدخل فيها الحفظ والحراسة والمعونة والنصرة وإيصال الخيرات، ودفع الآفات والبليات، ثم قال: (بما كانوا يعملون) وإنما ذكر ذلك لئلا ينقطع المرء من العمل فإن العمل لا بد منه/12 مفاتيح الغيب المشهور بالكبير للإمام الرازي.