التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ وَلِتَسۡتَبِينَ سَبِيلُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (55)

ثم قال تعالى { وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيات } المنزلة فى بيان الحقائق التى يهتدى بها أهل النظر الصحيح والفقه الدقيق .

{ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المجرمين } أى ولأجل أن يظهر بها طريق المجرمين فيمتازوا بها عن جماعة المسلمين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ وَلِتَسۡتَبِينَ سَبِيلُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (55)

يقول تعالى : وكما بَيَّنَا ما تقدم بيانه من الحجج والدلائل على طريق الهداية والرشاد ، وذم المجادلة والعناد ، { وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ } أي : التي يحتاج المخاطبون إلى بيانها { وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ } أي : ولتظهر{[10724]} طريق المجرمين المخالفين للرسل ، وقرئ : " وليستبين{[10725]} سبيل المجرمين " أي : وليستبين يا محمد - أو يا مخاطب - سبيل المجرمين .


[10724]:في م، أ: "وليظهر".
[10725]:في أ: "ولتستبين".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ وَلِتَسۡتَبِينَ سَبِيلُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (55)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَكَذَلِكَ نفَصّلُ الاَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ } . .

يعني تعالى ذكره بقوله : وكَذَلِكَ نُفَصّلُ الاَياتِ وكما فصلنا لك في هذه السورة من ابتدائها وفاتحها يا محمد إلى هذا الموضع حجتنا على المشركين من عبدة الأوثان وأدلتنا ، وميزناها لك وبينّاها ، كذلك نفصل لك أعلامنا وأدلتنا في كلّ حقّ ينكره أهل الباطل من سائر أهل الملل غيرهم ، فنبينها لك حتى تبين حقه من باطله وصحيحه من سقيمه .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : ولِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة : ولِتَسْتَبِينَ بالتاء «سَبِيل المُجْرِمِينَ » بنصب السبيل ، على أن «تستبين » خطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم كأن معناه عندهم : ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين . وكان ابن زيد يتأوّل ذلك : ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين الذين سألوك طرد النفر الذين سألوه طردهم عنه من أصحابه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : «وَلِتَسْتبِينَ سَبِيل المُجْرِمِينَ » قال : الذين يأمرونك بطرد هؤلاء .

وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض البصريين : ولِتَسْتَبِينَ بالتاء سَبِيلُ المُجْرِمِينَ برفع السبيل على أن القصد للسبيل ، ولكنه يؤنثها . وكأن معنى الكلام عندهم : وكذلك نفصّل الاَيات ولتتضح لك وللمؤمنين طريق المجرمين . وقرأ ذلك عامة قراء أهل الكوفة : «ولِتَسْتَبِينَ » بالياء سَبِيلُ المُجْرِمِينَ برفع السبيل على أن الفعل للسبيل ولكنهم يذكرونه . ومعنى هؤلاء في هذا الكلام ، ومعنى من قرأ ذلك بالتاء في : ولِتَسْتَبِينَ ورفع السبيل واحدٌ ، وإنما الاختلاف بينهم في تذكير السبيل وتأنيثها .

وأولى القراءتين بالصواب عندي في «السبيل » الرفع ، لأن الله تعالى ذكره فصّل آياته في كتابه وتنزيله ، ليتبَيّن الحقّ بها من الباطل جميع من خوطب بها ، لا بعض دون بعض . ومن قرأ «السبيل » بالنصب ، فإنما جعل تبيين ذلك محصورا على النبيّ صلى الله عليه وسلم . وأما القراءة في قوله : وَلِتَسْتَبِينَ فسواء قُرِئت بالتاء أو بالياء ، لأن من العرب من يذكر السبيل وهم تميم وأهل نجد ، ومنهم من يؤنث السبيل وهم أهل الحجاز ، وهما قراءتان مستفيضتان في قرّاء الأمصار ولغتان مشهورتان من لغات العرب ، وليس في قراءة ذلك بإحداهما خلاف لقراءته بالأخرى ولا وجه لاختيار إحداهما على الأخرى بعد أن يرفع السبيل للعلة التي ذكرنا .

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : نُفصّلُ الاَياتِ قال أهل التأويل .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : وكذَلِكَ نُفَصّلُ الاَياتِ نبين الاَيات .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في : نُفَصّلُ الاَياتِ : نبين .