الإشارةُ بقوله تعالى : { وكذلك نُفَصِّلُ الآيات }[ الأنعام :55 ] إلى ما تقدَّم من النهْيِ عن طَرْدِ المؤمنين ، وبَيَانِ فَسَادِ مَنْزَعِ العارضين لذلك ، وتفصيلُ الآياتِ : تبيينُها وشَرْحُها وإظهارُها ، قلْتُ : ومما يناسِبُ هذا المَحَلَّ ذِكْرُ شيء ممَّا ورد في فَضْلِ المُصَافَحَة ، وقد أسند أبُو عُمَر في «التمهيد » ، ( عن عبد الرحْمَنِ بْنِ الأسود ، عن أَبِيهِ وعلقمة ، أنهما قَالاَ : «مَنْ تَمَامِ التَّحِيَّةِ المُصَافَحَةُ » ) ، وروى مالكٌ في «الموطأ » ، عن عطاءٍ الخُرَاسَانِيِّ ، قالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( تَصَافَحُوا ، يَذْهَبُ الغِلُّ ، وَتَهَادَوْا ، تَحَابُّوا ، وَتَذْهَب الشَّحْنَاءُ ) ، قال أبو عُمَر في «التمهيد » : هذا الحديثُ يتَّصلُ مِنْ وجوه شتى حِسَانٍ كلُّها ، ثم أسند أبو عُمَر من طريقِ أبي دَاوُد وغَيْره ، عن البَرَاءِ ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ، فَيَتَصَافَحَانِ إلاَّ غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّفَا ) ، ثم أسند أبو عُمَرَ ( عن البَرَاء بنِ عَازِبٍ ، قال : " لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَخَذَ بِيَدِي ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنْ كُنْتُ لأحْسِبُ أَنَّ المُصَافَحَةَ لِلْعَجَمِ ، فَقَالَ : نَحْنُ أَحَقُّ بِالمُصَافَحَةِ مِنْهُمْ ، مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ، فَيَأْخُذُ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ مَوَدَّةً بَيْنَهُمَا ، ونَصِيحَةً ، إلاَّ أُلْقِيَتْ ذُنُوبُهُمَا بَيْنَهُمَا ) " ، وأسند أبو عُمَرَ عن عمر بْنِ الخَطَّابِ ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إذَا التقى المُسْلِمَانِ ، فَتَصَافَحَا ، أنْزَلَ اللَّهُ عَلَيهِمَا مِائَةَ رَحْمَةٍ ، تِسْعُونَ مِنْهَا لِلَّذِي بَدَأَ بِالمُصَافَحَةِ ، وَعَشَرَةٌ لِلَّذِي صُوفِحَ ، وَكَانَ أَحَبَّهُمَا إلَى اللَّهِ أَحْسَنُهُمَا بِشْراً بِصَاحِبِهِ ) انتهى .
وقد ذكرنا طَرَفاً مِنْ آدَابِ المُصَافحة فِي غَيْرِ هذا الموضعِ ، فَقِفْ عليه ، واعمل به ، تَرْشَدْ ، فإنَّ العلْم إنما يرادُ للعَمَل ، وباللَّه التوفيق .
وخُصَّ سبيلُ المُجْرمينَ بالذِّكْر ، لأنهم الذين آثَرُوا ما تقدَّم من الأقوال ، وهو أهَمُّ في هذا الموضِعِ ، لأنها آياتُ رَدٍّ علَيْهم .
وأيضاً : فتَبْيِينُ سَبِيلِهِمْ يتضمَّن بيانَ سَبِيلِ المُؤْمنين ، وتَأوَّلَ ابنُ زَيْد ، أنَّ قوله : { المجرمين } مَعْنِيٌّ به الآمِرُونَ بطَرْد الضَّعَفَةِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.