التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هَٰذَا بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ} (138)

ثم قال - تعالى - { هذا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } .

والبيان : هو الدلالة التى تفيد إزالة الشبهة بعد أن كانت حاصلة .

والهدى : هو الإرشاد إلى ما فيه خير الناس فى الحال والاستقبال .

والمواعظة : هى الكلام الذى يفيد الزجر عما لا ينبغى من الأمور الدينية أو الدنيوية .

قالوا : فالحاصل أن البيان جنس تحته نوعان :

أحدهما : الكلام الهادى إلى ما ينبغى فى الدين وهو الهدى .

والثانى : الكلام الزاجر عما لا ينبغى فى الدين وهو الموعظة . فعطفهما على البيان من عطف الخاص على العام .

واسم الإشارة يعود إلى ما تقدم هذه الآية الكريمة من أوامر ونواه ، ومن وعد ووعيد ، ومن حض على السير فى الأرض للاعتبار والاتعاظ .

أى هذا الذى ذكرناه لكم من وعد ووعيد ، ومن أوامر ونواه ، ومن حض على الاعتبار بأحوال المكذبين ، { بَيَانٌ لِّلنَّاسِ } يكشف لهم الحقائق ويرفع عنهم الالتباس { وَهُدًى } يهديهم إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم { وَمَوْعِظَةٌ } أى تخويف نافع { لِّلْمُتَّقِينَ } الذين يعتبرون بالمثلات ، وينتفعون بالعظات .

وقيل : إن اسم الإشارة يعود إلى القرآن .

أى هذا القرآن بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين .

وقد رجح ابن جرير الرأى الأول فقال : وأولى القولين فى ذلك عندى بالصواب : قول من قال : قوله { هذا } إشارة إلى ما تقدم هذه الآية من تذكير الله - عز وجل - المؤمنين ، وتعريفهم حدوده ، وحضهم على لزوم طاعته ، والصبر على جهاد أعدائه ، لأن قوله { هذا } إشارة إلى حاضر إما مرئى وإما مسموع وهو فى هذا الموضع لى حاضر مسموع من الآيات المتقدمة ، فمعنى الكلام : هذا الذى أوضحت لكم وعرفتكموه بيان للناس " .

والمراد بالناس جميعهم ، إذ أن ما ساقه الله - تعالى - من دلالات وهدايات وعظات هى للناس كافة ، إلا أن الذين ينتفعون بها هم المتقون ، لأنهم هم الذين أخلصوا قلوبهم لله ، وهم الذين طلبوا الحق وسلكوا طريقه . . .

والكلمة الهادية لا يستفيد بها إلا القلب المؤمن المفتوح للهدى ، والعظة البالغة لا ينتفع بها إلا القلب الخاشع المنيب ، والناس فى كل زمان ومكان لا ينقصهم - فى الغالب - العلم بالحق وبالباطل ، وبالهدى والضلال . . . وإنما الذى ينقصهم هو القلب السليم الذى يسارع إلى الحق فيعتنقه ويدافع عنه بإخلاص وإصرار ، ولذا وجدنا القرآن فى هذه الآية - وفى عشرات الآيات غيرها - يصرح بأن المنتفعين بالتذكير هم المتقون فيقول : { هذا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هَٰذَا بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ} (138)

ثم قال : { هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ } يعني : القرآن فيه بيان للأمور على جليتها ، وكيف كان الأممُ الأقدمون مع أعدائهم { وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ } يعني : القرآن فيه خَبَرُ ما قبلكم و { هُدًى } لقلوبكم و { مَوْعِظَةٌ } أي : زاجر [ عن المحارم والمآثم ]{[5773]} .


[5773]:زيادة من جـ، ر.