{ فَأَمَّا الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ } أى : أن مرجع العباد جميعا إلى الله من استكبر عن عبادته وامتنع ومن لم يفعل ذلك بل آمن وأطاع . فأما الذين آمنوا عملوا الأعمال الصالحات ، ولم يستنكفوا ولم يستكبروا ، فيسعطيهم - سبحانه - ثواب أعمالهم كاملة غير منقوصة ، ويزيدهم على ذلك شئنا عظيما من الرضا والفضل ومضاعفة الأجر .
{ وَأَمَّا الذين استنكفوا واستكبروا } عن عبادة الله وطاعته { فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } لا يحيط به الوصف { وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ الله وَلِيّاً } أى أحدا يدافع عنهم ويلى أمورهم ، ولا يجدون كذلك " نصيرا " ينصرهم وينجيهم من عذاب الله وبأسه .
وبعد هذا الوعد والوعيد والتبشير والإِنذار ، والترغيب والترهيب ، وجه - سبحانه - نداء عاما إلى الناس أمرهم فيه باتباع طريق الحق فقال - تعالى - { يَا أَيُّهَا الناس قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً } .
فأما الذين عرفوا الحق ، فأقروا بعبوديتهم لله ؛ وعملوا الصالحات لأن عمل الصالحات هو الثمرة الطبيعية لهذه المعرفة وهذا الإقرار ؛ فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله .
( وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ) . .
وما يريد الله - سبحانه - من عباده أن يقروا له بالعبودية ، وأن يعبدوه وحده ، لأنه بحاجة إلى عبوديتهم وعبادتهم ، ولا لأنها تزيد في ملكه تعالى أو تنقص من شيء . ولكنه يريد لهم أن يعرفوا حقيقة الألوهية وحقيقة العبودية ، لتصح تصوراتهم ومشاعرهم ، كما تصح حياتهم وأوضاعهم . فما يمكن أن تستقر التصورات والمشاعر ، ولا أن تستقر الحياة والأوضاع ، على أساس سليم قويم ، إلا بهذه المعرفة وما يتبعها من إقرار ، وما يتبع الإقرار من آثار . .
يريد الله - سبحانه - أن تستقر هذه الحقيقة بجوانبها التي بيناها في نفوس الناس وفي حياتهم . ليخرجوا من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده . ليعرفوا من صاحب السلطان في هذا الكون وفي هذه الأرض ؛ فلا يخضعوا إلا له ، وإلا لمنهجه وشريعته للحياة ، وإلا لمن يحكم حياتهم بمنهجه وشرعه دون سواه . يريد أن يعرفوا أن العبيد كلهم عبيد ؛ ليرفعوا جباههم أمام كل من عداه ؛ حين تعنو له وحده الوجوه والجباه . يريد أن يستشعروا العزة أمام المتجبرين والطغاة ، حين يخرون له راكعين ساجدين يذكرون الله ولا يذكرون أحدا إلا الله . يريد أن يعرفوا أن القربى إليه لا تجيء عن صهر ولا نسب . ولكن تجيء عن تقوى وعمل صالح ؛ فيعمرون الأرض ويعملون الصالحات قربى إلى الله . يريد أن تكون لهم معرفة بحقيقة الألوهية وحقيقة العبودية ، فتكون لهم غيره على سلطان الله في الأرض أن يدعيه المدعون باسم الله أو باسم غير الله فيردون الأمر كله لله . . ومن ثم تصلح حياتهم وترقى وتكرم على هذا الأساس . .
إن تقدير هذه الحقيقة الكبيرة ؛ وتعليق أنظار البشر لله وحده ؛ وتعليق قلوبهم برضاه ؛ وأعمالهم بتقواه ؛ ونظام حياتهم بإذنه وشرعه ومنهجه دون سواه . . إن هذا كله رصيد من الخير والكرامة والحرية والعدل والاستقامة يضاف إلى حساب البشرية في حياتها الأرضية ؛ وزاد من الخير والكرامة والحرية والعدل والاستقامة تستمتع به في الأرض . . في هذه الحياة . . فأما ما يجزي الله به المؤمنين المقرين بالعبودية العاملين للصالحات ، في الآخرة ، فهو كرم منه وفضل في حقيقة الأمر . وفيض من عطاء الله .
وفي هذا الضوء يجب أن ننظر إلى قضية الإيمان بالله في الصورة الناصعة التي جاء بها الإسلام ؛ وقرر أنها قاعدة الرسالة كلها ودعوة الرسل جميعا ؛ قبل أن يحرفها الأتباع ، وتشوهها الأجيال . . يجب أن ننظر إليها بوصفها ميلادا جديدا للإنسان ؛ تتوافر له معه الكرامة والحرية ، والعدل والصلاح ، والخروج من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده في الشعائر وفي نظام الحياة سواء .
والذين يستنكفون من العبودية لله ، يذلون لعبوديات في هذه الأرض لا تنتهي . . يذلون لعبودية الهوى والشهوة . أو عبودية الوهم والخرافة . ويذلون لعبودية البشر من أمثالهم ، ويحنون لهم الجباه . ويحكمون في حياتهم وأنظمتهم وشرائعهم وقوانينهم وقيمهم وموازينهم عبيدا مثلهم من البشر هم وهم سواء أمام الله . . ولكنهم يتخذونهم آلهة لهم من دون الله . . هذا في الدنيا . . أما في الآخرة ( فيعذبهم عذابا أليما ، ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرًا ) . .
إنها القضية الكبرى في العقيدة السماوية تعرضها هذه الآية في هذا السياق في مواجهة انحراف أهل الكتاب من النصارى في ذلك الزمان . وفي مواجهة الانحرافات كلها إلى آخر الزمان . .
وبين الله تعالى أمر المحشورين ، فأخبر عن المؤمنين العاملين بالصالحات ، أنه «يوفيهم أجورهم » حتى لا يبخس أحد قليلاً ولا كثيراً ، وأنه يزيدهم من فضله ، وتحتمل هذه الزيادة أن تكون المخبر عنها في أن الحسنة بعشر إلى سبعمائة ضعف ، ويحتمل أن يكون التضعيف الذي هو غير مصرد محسوب{[2]} ، وهو المشار إليه في قوله تعالى : { والله يضاعف لمن يشاء } [ البقرة : 261 ] .
{ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلُيمًا وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا }
هذا وعيد للمستنكفين الذين يدعون عبادة الله أنفة وتكبراً ، وهذا الاستنكاف إنما يكون من الكفار عن اتباع الأنبياء وما جرى مجراه ، كفعل حيي بن أخطب وأخيه أبي ياسر بمحمد عليه السلام ، وكفعل أبي جهل وغيره ، وإلا فإذا فرضت أحداً من البشر عرف الله تعالى ، فمحال أن تجده يكفر به تكبراً عليه ، والعناد المجوز إنما يسوق إليه الاستكبار عن البشر ، ومع تقارب المنازل في ظن المتكبر .
ضمير { ولا يجدون } عائد إلى { الَّذين استنكفوا واستكبروا } ، أي لا يجدون وليّاً حين يحشر الله النّاس جميعاً . ويجوز أن يعود إلى الَّذين { استنكفوا واستكبروا } ويكون { جميعاً } بمعنى مجموعين إلى غيرهم ، منصوباً ، فإنّ لفظ جميع له استعمالات جمّة : منها أن يكون وصفاً بمعنى المجتمع ، وفي كلام عمر للعبّاس وعليّ : « ثم جئتُماني وأمركما جميع » أي متّفق مجموع ، فيكون منصوباً على الحال وليس تأكيداً . وذكر فريق المؤمنين في التفصيل يدلّ على أحد التقديرين .
والتوفية أصلها إعطاء الشيء وافياً ، أي زائداً على المقدار المطلوب ، ولمّا كان تحقّق المساواة يخفَى لقلّة المَوازين عندهم ، ولاعتمادهم على الكيل ، جعلوا تحقّق المساواة بمقدار فيه فضْل على المقدار المساوي ، أطلقت التوفية على إعطاء المعادل ؛ وتُقابَل بالخسان وبالغبن ، قال تعالى حكاية عن شعيب { أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين } [ الشعراء : 181 ] ولذلك قال هنا : { ويزيدُهم من فضله } ، وهذه التوفية والزيادة يرجعان إلى تقدير يعلمه الله تعالى .
وقوله : { ولا يجدون لهم من دون الله وليّاً ولا نصيراً } تأييس لهم إذ قد عرف عند العرب وغيرهم ، من أمم ذلك العصر ، الاعتماد عند الضيق على الأولياء والنصراء ليكفّوا عنهم المصائب بالقتال أو الفداء ، قال النابغة :
يأمُلْنَ رِحلة نَصر وابن سيَّار
ولذلك كثر في القرآن نفي الوليّ ، والنصير ، والفداء { فلَن يُقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به أولئك لهم عذابٌ أليمٌ وما لهم من ناصرين } [ آل عمران : 91 ] .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
أخبر المؤمنين بمنزلتهم في الآخرة ومنزلة المستنكفين، فقال: {فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم}: فيوفى لهم جزاءهم، {ويزيدهم} على أعمالهم {من فضله} الجنة. {وأما الذين استنكفوا}: أنفوا {واستكبروا} عن عبادة الله بالتوحيد، {فيعذبهم عذابا أليما}: وجيعا، {ولا يجدون لهم من دون الله وليا}: قريبا ينفعهم، {ولا نصيرا}: مانعا يمنعهم من الله عز وجل.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
فأما المؤمنون المقرّون بوحدانية الله، الخاضعون له بالطاعة، المتذللون له بالعبودية، والعاملون الصالحات من الأعمال، وذلك أن يردوا على ربهم، قد آمنوا به وبرسله، وعملوا بما أتاهم به رسله من عند ربهم، من فعل ما أمرهم به، واجتناب ما أمرهم باجتنابه "فَيُوَفّيهِمْ أُجُورَهُم": فيؤتيهم جزاء أعمالهم الصالحة وافيا تاما. "وَيَزِيُدهُمْ مِنْ فَضْلِهِ": ويزيدهم على ما وعدهم من الجزاء على أعمالهم الصالحة والثواب عليها من الفضل والزيادة ما لم يعرّفهم مبلغه ولم يحدّ لهم منتهاه. وذلك أن الله وعد من جاء من عباده المؤمنين بالحسنة الواحدة عشر أمثالها من الثواب والجزاء، فذلك هو أجر كل عامل على عمله الصالح من أهل الإيمان المحدود مبلغه، والزيادة على ذلك تفضل من الله عليهم، وإن كان كل ذلك من فضله على عباده غير أن الذي وعد عباده المؤمنين أن يوفيهم فلا ينقصهم من الثواب على أعمالهم الصالحة، هو ما حدّ مبلغه من العشر، والزيادة على ذلك غير محدود مبلغها، فيزيد من شاء من خلقه على ذلك قدر ما يشاء، لا حدّ لقدره يوقف عليه...
"وأمّا الّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا": وأما الذين تعظموا عن الإقرار لله بالعبودة والإذعان له بالطاعة، واستكبروا عن التذلل لألوهته وعبادته وتسليم الربوبية والوحدانية له. "فَيُعَذّبُهُمْ عَذَابا ألِيما": عذابا موجعا. "وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِيا وَلا نَصِيرا": ولا يجد المستنكفون من عبادته والمستكبرون عنها إذا عذبهم الله الأليم من عذابه سوى الله لأنفسهم وليا ينجيهم من عذابه وينقذهم منه. "ولا نصيرا": ولا ناصرا ينصرهم، فيستنقذهم من ربهم، ويدفع عنهم بقوّته ما أحلّ بهم من نقمته، كالذي كانوا يفعلون بهم إذا أرادهم غيرهم من أهل الدنيا في الدنيا بسوء من نصرتهم والمدافعة عنهم.
الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :
{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ} في [التضعيف] ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلُيمًا وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا} هذا وعيد للمستنكفين الذين يدعون عبادة الله أنفة وتكبراً، وهذا الاستنكاف إنما يكون من الكفار عن اتباع الأنبياء وما جرى مجراه، كفعل حيي بن أخطب وأخيه أبي ياسر بمحمد عليه السلام، وكفعل أبي جهل وغيره، وإلا فإذا فرضت أحداً من البشر عرف الله تعالى، فمحال أن تجده يكفر به تكبراً عليه، والعناد المجوز إنما يسوق إليه الاستكبار عن البشر، ومع تقارب المنازل في ظن المتكبر.
اعلم أنه تعالى لما ذكر أنه يحشر هؤلاء المستنكفين المستكبرين لم يذكر ما يفعل بهم بل ذكر أولا ثواب المؤمنين المطيعين فقال: {فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله} ثم ذكر آخرا عقاب المستنكفين المستكبرين.
فقال: {وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا} والمعنى ظاهر لا إشكال فيه، وإنما قدم ثواب المؤمنين على عقاب المستنكفين لأنهم إذا رأوا أولا ثواب المطيعين ثم شاهدوا بعده عقاب أنفسهم كان ذلك أعظم في الحسرة.
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
ثم يحاسبهم ويجزيهم كما يجزي غيرهم على النحو المبين في قوله: {فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله} أي يعطيهم أجورهم على إيمانهم وعملهم الصالح وافية تامة كما يستحقون بحسب سنته تعالى في ترتيب الجزاء على تأثير الإيمان والعمل في النفس، ويزيدهم عليه من محض فضله وجوده من عشرة أضعاف إلى سبع مئة ضعف – إلى ما شاء. {وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما} أي فيعذبهم عذابا مؤلما كما يستحقون بحسب سنته تعالى أيضا، ولكن لا يزيدهم على ما يستحقون شيئا، لأن الرحمة سبقت الغضب، فهو تعالى يجازي المحسن بالعدل والفضل، ويجازي المسيء بالعدل فقط..
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وما يريد الله -سبحانه- من عباده أن يقروا له بالعبودية، وأن يعبدوه وحده، لأنه بحاجة إلى عبوديتهم وعبادتهم، ولا لأنها تزيد في ملكه تعالى أو تنقص من شيء. ولكنه يريد لهم أن يعرفوا حقيقة الألوهية وحقيقة العبودية، لتصح تصوراتهم ومشاعرهم، كما تصح حياتهم وأوضاعهم. فما يمكن أن تستقر التصورات والمشاعر، ولا أن تستقر الحياة والأوضاع على أساس سليم قويم، إلا بهذه المعرفة وما يتبعها من إقرار، وما يتبع الإقرار من آثار.. يريد الله -سبحانه- أن تستقر هذه الحقيقة بجوانبها التي بيناها في نفوس الناس وفي حياتهم. ليخرجوا من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده. ليعرفوا من صاحب السلطان في هذا الكون وفي هذه الأرض؛ فلا يخضعوا إلا له، وإلا لمنهجه وشريعته للحياة، وإلا لمن يحكم حياتهم بمنهجه وشرعه دون سواه. يريد أن يعرفوا أن العبيد كلهم عبيد؛ ليرفعوا جباههم أمام كل من عداه؛ حين تعنو له وحده الوجوه والجباه. يريد أن يستشعروا العزة أمام المتجبرين والطغاة، حين يخرون له راكعين ساجدين يذكرون الله ولا يذكرون أحدا إلا الله. يريد أن يعرفوا أن القربى إليه لا تجيء عن صهر ولا نسب. ولكن تجيء عن تقوى وعمل صالح؛ فيعمرون الأرض ويعملون الصالحات قربى إلى الله. يريد أن تكون لهم معرفة بحقيقة الألوهية وحقيقة العبودية، فتكون لهم غيره على سلطان الله في الأرض أن يدعيه المدعون باسم الله أو باسم غير الله فيردون الأمر كله لله.. ومن ثم تصلح حياتهم وترقى وتكرم على هذا الأساس..
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والتوفية أصلها إعطاء الشيء وافياً، أي زائداً على المقدار المطلوب، ولمّا كان تحقّق المساواة يخفَى لقلّة المَوازين عندهم، ولاعتمادهم على الكيل، جعلوا تحقّق المساواة بمقدار فيه فضْل على المقدار المساوي، أطلقت التوفية على إعطاء المعادل؛ وتُقابَل بالخسران وبالغبن، قال تعالى حكاية عن شعيب {أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين} [الشعراء: 181] ولذلك قال هنا: {ويزيدُهم من فضله}، وهذه التوفية والزيادة يرجعان إلى تقدير يعلمه الله تعالى.