التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ بَيۡنَ ٱلسَّدَّيۡنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوۡمٗا لَّا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ قَوۡلٗا} (93)

أى : ثم بعد أن بلغ مغرب الشمس ومشرقها . . . سار فى طريق ثالث معترض بين المشرق والمغرب ، آخذا فيه { حتى إِذَا بَلَغَ } فى مسيره ذلك { بين السدين } أى : الجبلين ، وسمى الجبل سدا ، لأنه سد فجا من الأرض .

قالوا : والسدان هما جبلان من جهة أرمينية وأذربيجان ، وقيل هما فى نهاية أرض الترك مما يلى المشرق :

{ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا } أى : من دون السدين ومن ورائهما { قوما } أى : أمة من الناس لغتهم لا تكاد تعرف لبعدهم عن بقية الناس ، ولذا قال - سبحانه - .

{ لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً } أى : لا يكاد هؤلاء القوم يفهمون أو يقرءون ما يقوله الناس لهم ، لغرابة لغتهم وقلة فطنتهم ، ولا يعرف الناس - أيضا - ما يقوله هؤلاء القوم لهم ، لشدة عجمتهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ بَيۡنَ ٱلسَّدَّيۡنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوۡمٗا لَّا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ قَوۡلٗا} (93)

83

( حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا . قالوا : يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض ، فهل نجعل لك خرجا على أن نجعل بيننا وبينهم سدا ? قال : ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما . آتوني زبر الحديد . حتى إذا ساوى بين الصدفين قال : انفخوا . حتى إذا جعله نارا قال : آتوني أفرغ عليه قطرا . فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا . قال : هذا رحمة من ربي ، فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء ، وكان وعد ربي حقا ) .

ونحن لا نستطيع أن نجزم بشيء عن المكان الذي بلغ إليه ذو القرنين ( بين السدين ) ولا ما هما هذان السدان . كل ما يؤخذ من النص أنه وصل إلى منطقة بين حاجزين طبيعيين ، أو بين سدين صناعيين . تفصلهما فجوة أو ممر . فوجد هنالك قوما متخلفين : ( لا يكادون يفقهون قولا ) .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ بَيۡنَ ٱلسَّدَّيۡنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوۡمٗا لَّا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ قَوۡلٗا} (93)

و «السدان » فيما ذكر أهل التفسير ، جبلان سدا مسالك تلك الناحية من الأرض ، وبين طرفي الجبلين فتح ، هو موضع الردم ، قال ابن عباس : الجبلان اللذان بينهما السد : أرمينية وأذربيجان ، وقالت فرقة : هما من وراء بلاد الترك ، ذكره المهدوي .

قال القاضي أبو محمد : وهذا كله غير متحقق ، وإنما هما في طريق الأرض مما يلي المشرق ويظهر من ألفاظ التواريخ ، أنه إلى ناحية الشمال ، وأما تعيين موضع فيضعف ، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم{[7895]} : «السُّدين » بضم السين ، وكذلك «سُداً » حيث وقع ، وقرأ حفص عن عاصم بفتح ذلك كله من جميع القرآن ، وهي قراءة مجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي ، وقرأ ابن كثير «السَّدين » بفتح السين وضم «سداً » في يس ، واختلف بعد فقال الخليل وسيبويه : الضم هو الاسم والفتح هو المصدر ، وقال الكسائي : الضم والفتح لغتان بمعنى واحد ، وقرأ عكرمة وأبو عمرو بن العلاء وأبو عبيدة ما كان من خلقة الله لم يشارك فيه أحد بعمل فهو بالضم ، وما كان من صنع البشر فهو بالفتح .

قال القاضي أبو محمد : ويلزم أهل هذه المقالة أن يقرأ «بين السُّدين » بالضم وبعد ذلك «سَداً » بالفتح ، وهي قراءة حمزة والكسائي ، وحكى أبو حاتم عن ابن عباس وعكرمة عكس ما قال أبو عبيدة ، وقال ابن أبي إسحاق : وما رأته عيناك فهو «سُد » بالضم ، وما لا يرى فهو «سَد » بالفتح ، والضمير في { دونهما } عائد على الجبلين ، أي : وجدهم في الناحية التي تلي عمارة الناس إلى المغرب ، واختلف في القوم ، فقيل : هم بشر ، وقيل جن ، والأول أصح من وجوه ، وقوله { لا يكادون يفقهون قولاً } عبارة عن بعد السانهم عن ألسنة الناس ، لكنهم فقهوا وأفهموا بالترجمة ونحوها ، وقرأ حمزة والكسائي «يُفقهون » من أفقه ، وقرأ الباقون «يَفقهون » من فقه .


[7895]:في قراءة أبي بكر عنه.