فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ بَيۡنَ ٱلسَّدَّيۡنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوۡمٗا لَّا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ قَوۡلٗا} (93)

{ حتى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحفص ، وابن محيصن ، ويحيى اليزيدي ، وأبو زيد ، عن المفضل بفتح السين . وقرأ الباقون بضمها . قال أبو عبيدة وابن الأنباري وأبو عمرو بن العلاء : السد إن كان بخلق الله سبحانه فهو بضم السين حتى يكون بمعنى مفعول ، أي : هو مما فعله الله وخلقه ، وإن كان من عمل العباد فهو بالفتح حتى يكون حدثاً . وقال ابن الأعرابي : كل ما قابلك فسدّ ما وراءه فهو سدّ وسد نحو الضعف والضعف ، والفقر والفقر ، والسدّان هما جبلان من قبل أرمينية وأذربيجان ، وانتصاب «بين » على أنه مفعول به كما ارتفع بالفاعلية في قوله : { لَقَد تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } [ الأنعام : 94 ] . وقيل : موضع بين السدّين هو منقطع أرض الترك مما يلي المشرق لا جبلا أرمينية وأذربيجان . وحكى ابن جرير في تاريخه أن صاحب أذربيجان أيام فتحها وجه إنساناً من ناحية الجزر فشاهده ، ووصف أنه بنيان رفيع وراء خندق وثيق منيع ، و{ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا } أي : من ورائهما مجازاً عنهما ، وقيل : أمامهما { قَوْماً لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً } قرأ حمزة والكسائي ( يفقهون ) بضم الياء وكسر القاف من أفقه إذا أبان ، أي : لا يبينون لغيرهم كلاماً ، وقرأ الباقون بفتح الياء والقاف ، أي : لا يفهمون كلام غيرهم ، والقراءتان صحيحتان ، ومعناهما : لا يفهمون عن غيرهم ولا يفهمون غيرهم ، لأنهم لا يعرفون غير لغة أنفسهم .

/خ98