إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ بَيۡنَ ٱلسَّدَّيۡنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوۡمٗا لَّا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ قَوۡلٗا} (93)

{ حتى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ } بين الجبلين الذين سُدّ ما بينهما وهو منقطَعُ أرضِ الترك مما يلي المشرِق ، لا جبلا أرمينيةَ وأَذَرْبيجان كما توهم ، وقرئ بالضم ، قيل : ما كان من خلق الله تعالى فهو مضموم وما كان من عمل الخلق فهو مفتوح ، وانتصاب بين على المفعولية لأنه مبلوغ وهو من الظروف التي تستعمل أسماءً أيضاً كما ارتفع في قوله تعالى : { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } وانجرّ في قوله تعالى : { هذا فِرَاقُ بيني وَبَيْنِكَ } { وَجَدَ مِن دُونِهِمَا } أي من ورائهما مجاوزاً عنهما { قَوْماً } أي أمة من الناس { لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً } لغرابة لغتِهم وقلة فِطنتِهم ، وقرئ من باب الإفعال أي لا يُفهمون السامعَ كلامَهم ، واختلفوا في أنهم من أي الأقوام ، فقال الضحاك : هم جيلٌ من الترك ، وقال السدي : التّركُ سريةٌ من يأجوجَ ومأجوجَ ، خرجت فضرب ذو القرنين السدّ فبقيت خارجَه فجميعُ الترك منهم ، وعن قتادة : أنهم اثنتان وعشرون قبيلة سدّ ذو القرنين على إحدى وعشرين قبيلةً منهم وبقيت واحدة فسُمّوا التركَ لأنهم تركوا خارجين .

قال أهل التاريخ : أولادُ نوح عليه السلام ثلاثةٌ : سامٌ وحامٌ ويافثُ ، فسامٌ أبو العرب والعجمِ والروم ، وحامٌ أبو الحبشةِ والزَّنج والنُّوبة ، ويافثُ أبو الترك والخَزَر والصقالبة ويأجوجَ ومأجوج .