الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ بَيۡنَ ٱلسَّدَّيۡنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوۡمٗا لَّا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ قَوۡلٗا} (93)

{ بَيْنَ السَّدَّيْنِ } بين الجبلين وهما جبلان سدّ ذو القرنين مما بينهما . قرىء : «بالضم والفتح » . وقيل : ما كان من خلق الله تعالى فهو مضموم ، وما كان من عمل العباد فهو مفتوح ؛ لأنّ السدّ بالضم فعل بمعنى مفعول ، أي : هو مما فعله الله تعالى وخلقه . والسدّ - بالفتح - : مصدر حدث يحدثه الناس . وانتصب { بَيْنَ } على أنه مفعول به مبلوغ ، كما انجر على الإضافة في قوله : { هذا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ } [ الكهف : 78 ] وكما ارتفع في قوله : { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } [ الأنعام : 94 ] لأنه من الظروف التي تستعمل أسماء وظروفاً ، وهذا المكان في منقطع أرض الترك مما يلي المشرق { مِن دُونِهِمَا قَوْماً } هم الترك { لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً } لا يكادون يفهمونه إلاّ بجهد ومشقّة من إشارة ونحوها كما يفهم إلبكم وقرىء : «يفقهون » أي لا يفهمون السامع كلامهم ولا يبينونه ، لأنّ لغتهم غريبة مجهولة .